تنكيل حمدان أحدث إصدارته.. الفاشق.. مبتكر تعذيب - محمد العلائي
منذ سنوات وشعيب الفاشق يواظب على نقش أيقونات مريعة. وتفصيلتان اثنتان فقط، طفتا على السطح بشكل لافت وضاج.
صدقاً، ستروعك فكرة أن أهالي الحسينية في الحديدة لا يعدو كونهم لدى الشيخ اكثر من دواجن بلا ريش ومنتوفي الكينونة تماماً.
أزيد من أن يوصف بأنه انتهاك، ما لاقاه حمدان درسي، الذي في ختام عقده الرابع هو أجدر بأن يكون إعداماً ضارياً وملثماً بتوصيفات بديهية ودارجة.
بأي حال، استدعاء الشيخ مشروع قتل. أو في الأقل تمزيق وسحل كرامة. أنت المعني بالذهاب إليه إذاً أنت المعدوم جملةً.
لذلك، فمعلم البناء حمدان درسي لحظة أومئ إليه أن «ملك الغابة» يطلبه، ركن روحه مع أدواته في زاوية من العمارة التي كان يعمل بها عصر الاربعاء الفائت وجر نفسه إلى حتفها.
بالواقع، وللدقة هو لم يُقتل، إنما مجموع ما تعرض له يجعل فعل القتل إلى جواره شيئاً تافهاً، إذ وهو متواصل الحدوث، أي انه في حد ذاته (القتل) لم يعد يحمل مفاجآت إلا إذا صوحب بأفعال مشينة ومضادة للبديهيات كما هو الحال.
على كل، راح «الطريدة» إلى دار الفاشق فاحتضنته فور ولوجه المكان علائم خطرة للغاية. كُفِّن بموجة شتائم وتقريعات نابية فاضحة.
مخيلة أيٍ منا، تستطيع تقريب المشهد الآن بمفاعيله.. ليس من الصعب تصور الذي كان. الشيخ يمتص سيجارة ويؤشر لزبانيته الذين خلعوا من الآدمية ذات اتصال غير سوي مع روحية غير سوية بالمرة. طووه بالقيود وصيَّروه كما لو أنه خروف في سلخانة على أهبة الذبح.
إذاً، إلى ال12 من تلك الليلة وهو مطوياً ما يزال في زنزانة عاجة بالمساجين.
كانوا غرقانين جميعهم في ليل «افريقي» مُريب، والنوم يجتذبهم فرادى إلى عالمه وحمدان تفترمه الهواجس في كون خاص به وحده.
لم يجتذب النوم حمدان بالمطلق، قدر ما اجتذبته أياد مفلطحة، ساخنة كأسياخ فولاذية، مشدودة أيضاً.
ساقه مجندو الفاشق إلى مخدعه على أية حال. ألقوه أمامه، وفي انتظار إيماءة شكر وامتنان، حدقوا ناحية آمرهم.
بسكينة متوحشة، اقصد بخفوت وتهدج متعال: «عروه من ملابسه»، وجَّه الشيخ.
حمدان جُرد، في غمضة عين، من ثيابه حد قوله. مضيفاً أن الشيخ وجههم بالقيام بأعمال لا أخلاقية.
تنطط باتجاهه وساكباً ثمالة خمر على رأسه كابتكار فريد يخدم السفاحين فيما بعد.
بخفر، تلكأ الجنود في تنفيذ الأمر «الأخير»؛ ما جعل الشيخ، عوض ذلك، يأمر بتدليته إلى حديدة، كأرجوحة، ومقلوب.
بلغ الآن ذرى دمويته وانتقاميته، إذ واجه خذلان جنوده بأن قام هو بنفسه ليتولى، بفنية غابوية، مهمة نحت لقطة لا سابق لها، كما يبدو لنا.
اقتبس هراوة من بين كثير، ولتكتسب ملاسة، طلاها بشحم وشرع في الإثم تواً.
لم يرق للشيخ الاسلوب فأحال إليتي الرجل منفضة اثيرة لسيجاره.
تتالت اللقطات البشعة تلك. وهو لما يشبع بعد. استمزج الشيخ فكرة استحالته إلى بطل «فيلم رعب» على اصول الاعمال السينمائية.
وإذ القصة آخذة في المأساوية ما زالت، رفع الفاشق تلفونه وبدأ بتصوير الحدث بغية اكتمال النشوة.
واستحلى الحكاية فأمر حمدان بأن يحضر أحد اقربائه (زوجته حتى) لمداورة المشهد وإكسابه حركية إجرامية فاقعة.
مهما يكن، ليلة بطولها، يقضيها أحد ما على منضدة التشريح، لا تستوعب رسمها أية لغة كانت.
الفجر رغم تباطؤه، إلا أنه اخيراً، خلص المسكين، وجارَّاً إياه للشارع بعريه، فأسدى إليه أحدهم بقايا «شوالة» ليواري سوأته. ولكن، في المقابل، من يواري سوأة الشيخ!!؟
الحاصل، أنه أياً تكن الذرائع، فما من ساتر أو مسوغ للذي جرى مطلقاً في الحسينية. فضلاً عن ان يكون الداعي لذلك أن كل جرم حمدان اشتغاله في عمارة مختلف عليها لا غير..
ما يحمد حقاً لحمدان، هو عدم إخفاء تفصيلات وجعه، فهو وبعد أن بكته زوجته بكل البكاء. والتفَّت اسرته إثر عودته، أصر على إبلاغ أمن المديرية، وفعلْ.
الحالة أُثبتت بقرار طبي، والنائب العام، بناء على الاستدلالات، أمر بالقبض على الجاني. فيما تبنت منظمة «هود» القضية.
وابدى أهالي الحسينية امتعاضهم وتقززهم الشديد مما يحصل لهم وناشدوا الرئيس التدخل لتذليل أمر القبض على الفاشق وتقديمه للعدالة.
alalaiyMail
تنكيل حمدان أحدث إصدارته.. الفاشق.. مبتكر تعذيب
2006-12-26