حلوة.. مع أنها ليست كذلك! - جمال جبران
لا يحتوي هاتفي المحمول تقنية «البلوتوث». لكن هل يليق أن يكون هذا دافعاً لليأس حتى يتمكن مني؟
وبشكل آخر: أحب السير ليلاً ولمسافات طويلة. لكن هل يجيز هذا لسيارات الأجرة مهاجمتي في غرفة نومي؟
وبصورة أخرى:
لا أحب الاستماع للنشيد الوطني لجمهورية مالطا. لكن هل يبرر هذا لإذاعة صنعاء تحويل حياتي لجحيم مطلق؟
سأفترض من عندي، ومن باب إعلان حسن النوايا، سأفترض فيما يلي حلاً لكل ما سبق: سأشتري هاتفاً محمولاً بتقنية «البلوتوث». سأعلن توقفي عن عادة السير ليلاً ولمسافات طويلة. وسأحب ورغماً عني استماعي للنشيد الوطني لجمهورية مالطا.
هل من الممكن وعليه: نسيان اليأس أمر تمكنه مني؟ هل من الأكيد أن سيارات الأجرة ستتوقف عن مهاجمتي في غرفة نومي؟ وهل ستكف إذاعة صنعاء عن تحويل حياتي لجحيم مطلق؟ من يبدي ضمانة على هذا؟ ومن بيده رعاية توقيع على اتفاق مبادئ مسنود بقاعدة لا ضرر ولا ضرار؟
أعرف أن لا شيء أكيد. لا شيء بوسعه أمر الحفاظ على سلامة أصابعه من الكسر لخمس دقائق كاملة.. وهذا يؤكد ما قام كلود ليفي شتراوس بتدوينه والقائل أن دراسة الخرافات تميل إلى السقوط في نفس الخطأ الذي ارتكبه فلاسفة اللغة حيث كانوا يبحثون عن تناظر تام بين الاصوات والكلمات. هذه حقيقة ستجعلني ازداد يقيناً في أمر تعمد إذاعة صنعاء تحويل حياتي لجحيم مطلق.
لن نتفق إذن..
أتخلى هنا عن افتراضي عاليه، حتى لو كان من باب إعلان حسن النوايا عن تقديم حل لكل ما تقدم. الاتفاق هنا انتحار يشبه مسألة وضع اليد في ماء باردة مع أنها ليست كذلك. الاتفاق تصديق هنا، مع أنه ينبغي ان لا يكون كذلك.
وفي ذات السياق:
الصورة موت، مع أنه ينبغي عليها أن لا تكون كذلك.
الحرب هنا، مع أنه ينبغي أن لا تنبغي. وأن لا تكون على قيد الحياة. أن لا تكون هنا ولا هناك.
الصورة موت والحرب هنا.
الصورة دائماً حلوة، لكنها مع فتاتين عراقيتين يأس وبكاء ورماد.
لكنها مع فتاتين عراقيتين صغيرتين وبثياب المدرسة، يأس وبكاء ورماد.
الصورة حلوة إذن، مع أنها ليست كذلك.
jimy
حلوة.. مع أنها ليست كذلك!
2007-04-12