أيها السيد عبدالملك الحوثي،
أكتب إليك اليوم لا من موقع الخصومة، بل من عمق الألم، ومن قلب معاناة يعيشها كل يمني منذ أن قررت أن تنقلب على الدولة، وتغتنم الفراغ السياسي بعد الثورة على علي عبدالله صالح، ثم تتحالف معه بعد أن تقاتلت معه، في مفارقة كشفت للجميع أن ما يحدث ليس صراعًا من أجل اليمن، بل صراع على اليمن.
لقد سلّمك صالح جيش الدولة، فبدأت حربًا شاملة على كل اليمنيين، تحت شعارات متبدّلة ومصالح متضاربة. ومنذ ذلك اليوم، والشعب يدفع الثمن:
فقرٌ، جوعٌ، قمعٌ، تشريد، وموتٌ بلا توقف.
عشر سنوات من الحرب والدمار، لم تَجْنِ منها البلاد إلا الانهيار. المؤسسات دُمرت، الاقتصاد انهار، ملايين الأطفال حُرموا من التعليم، مئات الآلاف شُرّدوا من بيوتهم، وأصبح اليمن اليوم ميدانًا مفتوحًا لكل طامع ومتنفّذ، إقليميًا كان أو دوليًا.
أما اليوم، فتخرج على العالم معلنًا دخولك في حرب مع إسرائيل "نصرة لغزة". ولكننا نسألك، وبصوت كل يمني موجوع:
كيف لمن يُحاصر شعبه، ويقمعه، ويجوعه، أن يكون صادقًا في نصرة أية قضية عادلة؟
من يُسكت صوت اليمنيين، لا يمكنه أن يدافع عن صوت الفلسطينيين.
الواقع واضح: حربك باسم فلسطين ليست سوى ورقة في يد إيران، التي خذلت حلفاءها في اللحظة الحاسمة، وستخذلك أنت أيضًا، وستبقى أنت والشعب اليمني وحدكما تدفعان الثمن.
فأجبنا اليوم بصدق، وبمسؤولية أمام الله والتاريخ:
ماذا تريد من كل هذا الخراب؟
هل بقي شيء لم تهدمه؟ هل تريد تمزيق اليمن إلى الأبد؟ هل ترى في الوطن غنيمة، أم مسؤولية؟ هل فيك، أو في من حولك، ذرة من وطنية تدفعكم إلى التراجع خطوة واحدة نحو الوطن لا نحو السلطة؟
أدعوك باسم كل يمني أنهكه الانتظار، وباسم مَن لايزال يؤمن بأن في هذا الوطن متسعًا للجميع:
اترك السلاح، وارجع إلى الصف الوطني.
فاليمن لا يُقصي أحدًا من أبنائه، ولا يعادي أحدًا بسبب سلالته أو مذهبه أو انتمائه. ولكن لا مكان فيه لمن يفرض نفسه بالقوة.
دعنا نبنِ وطنًا جديدًا، نعيش فيه نحن وأنت، لا سيد فيه ولا عبد، ولا مالك فيه لرقاب الناس، بل مواطنون متساوون تحت ظل القانون والدولة، لا المليشيا ولا العصابة.
أدعوك إلى كلمة سواء.
فالشعب الجائع لم يعد يحتمل، واليمن المُنهك لم يعد يحتمل، وإن ثار المظلوم فلن يبقى للظالم مأمن، ولا للمتجبر ملجأ.
كفى عبثًا. كفى دمارًا. كفى متاجرة بآلام الناس.
والله من وراء القصد.