صنعاء 19C امطار خفيفة

لا يوجد أي ضمانات لوقف الحرب على قطاع غزة

من الجدير بالذكر، أن كثيرًا من دول المنطقة العربية تعج بخلافاتها الداخلية، باستثناء قلة من الدول العربية التي يسود فيها الاستقرار والأمن، في مقدمتها مصر، والسعودية، وقطر... الخ، التي تبذل جهودًا كبيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي، لوقف الحرب على قطاع غزة والضفة الغربية، وحل الدولتين: فلسطينية، وإسرائيلية، تعيشان جنبًا إلى جنب بأمان، وسلام واستقرار.

 
وفي هذا الخصوص، سبق أن عقدت القمة العربية يوم 27 مارس 2002م، في بيروت، وأقرت مبادرة السلام السعودية الرامية إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بحدود الرابع من يونيو 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، مقابل إقامة علاقات طبيعية بين العرب وإسرائيل. وماتزال السعودية متمسكة بهذا الحل.
 
حقيقة الأمر، بذلت تلك الدول العربية مساعيها الدؤوبة في المنابر الإقليمية والدولية، تجاه توسيع دائرة الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية. وبالفعل، تم تأييد 145 عضوًا من 193 عضوًا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في هذا الصدد. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى أكثر من 165 دولة إبان الاجتماع الدولي المقرر انعقاده يوم 17 يونيو 2025م، في نيويورك، برئاسة السعودية وفرنسا. وستبقى الأمور في هذا الشأن مرهونة بالخواتيم، وبخاصة في ما إذا استخدمت الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن، حق النقض (الفيتو) كالمعتاد، لإجهاض القرارات لصالح إسرائيل.
 
ومهما يكن الأمر، إن العالم سيشهد لأول مرة نسبة تصويت قد تبلغ حاجز الـ85% لصالح حل الدولتين. الأمر الذي من شأنه أن يسهم هذا الاعتراف إن آجلًا أم عاجلًا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
 
وقد حان الوقت لتراص الفصائل الفلسطينية وانضمامها للسلطة الفلسطينية المعترف بها دوليًا قبل انعقاد المؤتمر الدولي أو إبداء الرغية في تجهيز نفسها لذلك، خلال أشهر.
 
وعلى صعيد آخر، إن سلطنة عمان تلعب دورًا محوريًا كراعية للمحادثات الأميركية -الإيرانية، ومحاولة تقريب وجهات النظر بين الجانبين للوصول إلى اتفاق بشأن السلاح النووي الإيراني، ومسائل أخرى. و ماتزال المباحثات جارية في اجتماعات مكوكية بين مسقط وروما، ولا يمكننا التوقع بنجاحها، من عدمه. ونتوق أن تثمر بنتائج إيجابية لصالح أمن واستقرار المنطقة.
وفي سياق آخر، لا توجد أية استجابة إسرائيلية للوسطاء: مصر، وقطر، بوقف إهراق الدماء الفلسطينية، وفقًا لما اتفق عليه مع حركة حماس في المحادثات المبنية على ثلاث مراحل هادفة إلى تبادل الرهائن، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، يليه الانسحاب الإسرائيلي من كامل قطاع غزة، وإعادة الإعمار.
وما زاد الطين بلة، قوبل ذلك بتعنت إسرائيلي، واستمرار نتنياهو في مواصلة الحرب بلا هوادة، ومحاولة بناء سور إسمنتي مسلح يشمل شمال، وشرق، وغرب القطاع، تصديًا للإرهاب، على حد قوله.
 
يقابل ذلك، إصرار حماس على موقفها الثابت وفقًا لنتائج اجتماعات الوسطاء في قطر ومصر بين الطرفين الإسرائيلي وحركة حماس. لكن إسرائيل تضيف أيضًا إلى قاموسها التفاوضي عبارة "وخروج (حماس) من قطاع غزة وتسليم سلاحها". ونأمل ألا تقدم حماس الفرصة لإسرائيل، وتعمل بموجب نتائج الاجتماعات التي اتفقت بشأنها مع مصر.
من جهة أخرى، لما يزل التطرف والاعتداءات الإسرائيلية بعدم إيفاء الالتزامات بالمواثيق والقانون الدولي، إذ تجمع رهط من المستوطنين واليمينيين المتطرفين يوم 26 مايو الجاري 2025م، بحماية قوة عسكرية في "باب العامود" بالقدس، رافعين الأعلام بذكرى احتلال القدس، واقتحموا ساحة المسجد الأقصى، ومنعوا الفلسطينيين من إقامة مشاعرهم الدينية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، بتبجح، أن القدس ستظل عاصمة لدولة إسرائيل.
 
ومن ناحية أخرى، وإزاء تطورات الأحداث، أقدمت الدولة اللبنانية بالتفاوض مع الفصائل الفلسطينية بنزع الأسلحة من المخيمات خلال ثلاثة أشهر، معلنة أنها لن تقبل أي سلاح خارج الدولة اللبنانية.
 
ومما لا يدع مجالًا للشك، أن الوضع أصبح شائكًا ومعقدًا في المنطقة العربية المرشحة للتقسيمات الطائفية والمناطقية وفقًا لخارطة الشرق الأوسط الاستعماري الجديد، والاستئثار بما ملكت من ثروات، وتراث، وموقع.
جوهر القول، إن العرب بانتظار ما سيسفر عنه اجتماع يوم 17 يونيو القادم، في نيويورك، برئاسة كل من السعودية وفرنسا، بشأن حل الدولتين، ومسائل أخرى تخدم العلاقات الثنائية بين الدول العربية والأوروبية.
 
وبالنسبة لقطاع غزة، فإن العرب ينتظرون اليوم قبل غد مبادرة المندوب الأميركي ويتكوف بشأن وقف الحرب على قطاع غزة. ولا أرى أن يطرأ أي تقدم من جانبي في هذا الشأن، فإسرائيل ماضية صوب غايتها دون رقيب ولا حسيب، وستظل المأساة قائمة، متمثلة بقتل، وجوع، وعسف، وتدمير، وبطش، وتشريد السكان.
 
وأملنا بالله عظيم، بأن تزول هذه الغمة، وينبلج فجر جديد يبشر بدولة فلسطينية مستقلة معترف بها دوليًا، وعاصمتها القدس الشرقية. وتلك غاية أمانينا، وما الصبح ببعيد.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً