صنعاء 19C امطار خفيفة

"نداء السلام"  توجه  عتابًا للقوى الوطنية والاحزاب السياسة

2024-11-16
"نداء السلام"  توجه  عتابًا للقوى الوطنية والاحزاب السياسة

وجهت جماعة نداء السلام، عتابًا للقوى الوطنية والاحزاب الكبيرة ذات التاريخ النضالي الممتد، على فتور علاقاتها بجماهيرها وانصرافها عن هموم الناس، وتغافلها عن المعاناة التي يعيشها اليمني اليوم.

 
وعبرت في بيان صادر عنها حصلت "النداء" على نسخة منه، عن قلقها العميق إزاء التطورات الراهنة في اليمن، مشيرة إلى أن توقف المعارك ودخول البلاد في هدنة ممتدة دون حوار وطني شامل قد يؤدي إلى تجدد الصراع. 
 
وقالت:"إن اليمنيين جميعهم، وفي مقدمتهم المكونات السياسية، مسؤولون عن مستقبل بلادهم. وهذه المسؤولية تفرض عليهم، أن يعملوا معاً على مواجهة الأخطار الداهمة، التي تحيط بهم وبوطنهم حاضراً، وتهدد مستقبل أجيالهم، تهديداً حقيقياً". 
 

" النداء" تنشر نص البيان:

تتابع جماعة نداء السلام التطورات الراهنة، على الصعيد الوطني، بما تمثله من انعكاس، مباشر وغير مباشر، لما يجري على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتشعر بقلق عميق، إزاء ما هو سلبي من تلك الانعكاسات، على أوضاع اليمن، الذي لم يغادر شبح الحرب أجواءه بعد، رغم توقف دوي المدافع وغارات الطيران الحربي، منذ نحو ثلاث سنوات. وترى أنَّ توقف المعارك والدخول في هدنة ممتدة، دون أن يتخللها حتى الآن حوار وطني شامل بين القوى السياسية، قد يجعل من هذه الهدنة مجرد محطة لالتقاط الأنفاس، تمكن أطراف الصراع من إعادة ترتيب أوضاعها استعداداً لجولات جديدة من الحرب والدمار. وقد تكون الحرب هذه المرة، إذا ما نشبت لا قدر الله، حرباً بين اليمنيين بعضهم بعضا. وقد يبقى دور القوى الخارجية الداعمة مقتصراً على إدارة الصراع من خلف الستار، حتى تتحقق أهدافها كاملة، في تمزيق اليمن بأيدي أبنائه. 
وللوصول إلى هذه الغاية للقوى الخارجية، يجري تشجيع الفساد المالي، أو التغاضي عنه، ليتفشى أكثر وأكثر، وينخر في كل مرفق من المرافق العامة، وفي كل شأن من شؤون اليمنين. ويتم التستر عليه، مع الأسف الشديد، رغم ما يسببه من نتائج كارثية على الوضع الاقتصادي العام في البلاد، ومن انعكاسات بالغة السوء على الأوضاع المعيشية للمواطنين، بدلا من مكافحته ولجمه وإنهائه. 
ولا شك، في أن استمرار الفساد المالي وتردي الأوضاع المعيشية للمواطنين ناجمان في المقام الأول عن فقدان الشعور بالمسؤولية الوطنية والدينية والاخلاقية لدى أصحاب القرار، الذين لم يكتفوا بالفساد وتردي الأوضاع المعيشية، بل تجاوزوهما، في إطار المكايدات السياسية، ولم يحرصوا على الفصل بين الصراع السياسي، بمختلف أشكاله بما في ذلك الصراع المسلح، وبين احتياجات الناس الحيوية ومقومات حياتهم ومعيشتهم، بل وعمدوا إلى إيقاف صرف مرتبات العاملين في أجهزة الدولة ومؤسساتها ومعاشات المتقاعدين، فدفعوا إلى الشارع بآلاف الأسر، التي عجزت عن تسديد إيجارات مساكنها، كما عجزت عن توفير الحد الأدنى من متطلبات حياتها، من غذاء وكساء ودواء. مما أوصلنا إلى هذا الوضع الأكثر سوءاً وبؤساً وقسوة في المنطقة، إذا ما استثنينا قطاع غزة. فيما يستمتع الكثيرون من أصحاب القرار والمقربون منهم والعاملون معهم، يستمتعون بحياتهم المرفهة في الداخل والخارج، ويقبضون رواتبهم بانتظام، وبعضها بالعملة الصعبة، على حساب شقاء وتعاسة اليمنيين على امتداد الساحة اليمنية.
 
والأنكى والأمر من ذلك، أن ينبري بعض الأشخاص، في مواقع قيادية لتبرير إيقاف المرتبات. والدفاع عن هذا الإجراء غير الإنساني وغير المسبوق في كل الصراعات التي عرفها البشر على امتداد تاريخهم الطويل. فقد كان المتصارعون في الماضي  يحرصون على التمسك بأخلاقيات الحرب، ويسعون إلى تحييد متطلبات الحياة الإنسانية للمواطنين، وعدم المساس بها. فما بال هؤلاء ينسون اليوم كل قيمنا العربية والإسلامية، ويتجاوزون الدستور والقانون النافذ، ويمعنون في إيذاء هذا الشعب الطيب، الذي وصفه رسول الهدى محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم بالأرق قلوباً والألين أفئدة!!!  
لقد ارتبط مبرر وجود القوى السياسية اليمنية تاريخياً بتبني قضايا الناس، والتعبير عن طموحاتهم وتطلعاتهم، والدفاع عن الحريات العامة، وقيادة نضالهم الوطني، لتحسين أوضاعهم وتحقيق أحلامهم في حياة حرة كريمة. وكان هذا ما دأبت عليه القوى السياسية حتى عهد قريب. فما بالها اليوم تلتزم الصمت أمام معاناة المواطنين، وامام الإنتهاكات الفضة للحقوق والحريات، بسكوتها عن جرائم الإغتيالات، والإعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، وانتشار السجون الخاصة في بعض المحافظات، في مخالفة صريحة للدستور والقانون والشرائع والمواثيق الدولية ذات الصلة، كما تدير ظهرها للقضايا المصيرية على الصعيدين الوطني والقومي؟ 
إن جماعة نداء السلام، من موقعها الوطني والإنساني، وبحكم متابعتها لمجريات الأمور، بقدر ما تسمح به ظروفها، توجه عتاباً أخوياً للقوى الوطنية، ولاسيما للأحزاب الكبيرة، العريقة في هذا الوطن، ذات التاريخ النضالي الممتد، على فتور علاقاتها بجماهيرها وانصرافها عن هموم الناس، وتغافلها عن المعاناة التي يعيشها اليمني اليوم، في كل قرية ومدينة وشارع وبيت. وكأنها لا تستحضر تاريخها، ولا تأبه بانفضاض الناس عنها، وتحول نظرتهم إليها. فلعل عتابنا هذا، النابع من تقدير وإكبار للتاريخ النضالي لهذه الأحزاب، يحفزها على مراجعة أوضاعها ويدفعها إلى الالتحام مجدداً بشعبها والتفاعل معه والاهتمام بقضاياه الحيوية ومعاناته اليومية، كما كان دأبها من قبل، حتى لا تفقد مبرر وجودها واستمرارها. 
إن اليمنيين جميعهم، وفي مقدمتهم المكونات السياسية، مسؤولون عن مستقبل بلادهم. وهذه المسؤولية تفرض عليهم، أن يعملوا معاً على مواجهة الأخطار الداهمة، التي تحيط بهم وبوطنهم حاضراً، وتهدد مستقبل أجيالهم، تهديداً حقيقياً، وأن يتحلوا بالشجاعة والإرادة والحكمة في مواجهة أنفسهم، فيرتقوا إلى مستوى هذه المسؤولية، ويتنادوا إلى حوار وطني جامع، يضم كل المكونات السياسية دون استثناء، يكون من أولوياته مناقشة القضايا الوطنية بروح إيجابية وإحساس وطني صادق، مناقشة تفضي إلى إخراج بلدهم من هذه المحنة التي يتخبط فيها منذ عقد من الزمن وتضعه على طريق التعافي، وتعمل على إلغاء القرار الأممي الظالم، الذي قضى بوضع اليمن تحت البند السابع، لانتفاء مبرراته وسقوط ذرائعه بتصالح اليمنيين وتفاهمهم وتعايشهم وتعاونهم في بناء دولتهم المنشودة، دولة الشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية والتبادل السلمي للسلطة، عبر صناديق الانتخابات.  
وإذا كان للآخرين أطماعهم المعروفة، في ثروات اليمن وفي موقعه الاستراتيجي، فإن اليمنيين وحدهم يستطيعون، بوحدة موقفهم، أن يضعوا حدا لتدخل القوى الإقليمية والدولية في شؤونهم، وأن يعتمدوا على أنفسهم في معالجة قضاياهم الداخلية ووضع بلادهم على طريق الأمن والاستقرار والتنمية والتقدم. ولديهم، إذا أخلصوا النيات واستشعروا المسؤولية الوطنية، لديهم من خبراتهم وتجاربهم النضالية ما يكفي لتقديم تجربة متميزة للبشرية تضاف إلى تجارب بعض الشعوب الأفريقية التي عانت من صراعات متعددة الأوجه، كلفتها الملايين من أبنائها، ثم لم تجد أمامها من سبيل في نهاية المطاف سوى الحوار الوطني الجامع، مدخلا لما تنعم به اليوم من استقرار ورخاء.
  
إن اليمنيين بدورهم قادرون أيضاً على الخلاص مما هم فيه، إذا أحسنوا النية والتفكير والعمل، وبدأوا بالخطوة الأولى على طريق التعبير عن إرادتهم الحرة المستقلة واستعادة قرارهم السياسي وترتيب أوضاعهم الداخلية وإصلاح ما دُمِّر خلال السنوات العشر الماضية على أيديهم وعلى أيدي غيرهم، وعملوا على توحيد موقفهم ومخاطبة العالم بلغة وطنية واحدة، متكلين على الله ومعتمدين على أنفسهم بالدرجة الأولى، فالعالم لا يساعد من لا يساعد نفسه.
  
جماعة نداء السلام
صنعاء، في 15 نوفمبر 2024م .

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً