عبر الأجواء العربية الصارت مسارًا آمنًا لقبل حارة وغزل جوي.. أو قل تبادل رسائل (غرامية) طائرة، وإن كانت شديدة اللهجة، يشهدها الفضاء الممتد من تل أبيب وحتى طهران.
الأحداث دراماتيكية عنيفة، بعض الشيء، ومتوقعة، بما هي معلن عنها مسبقًا.. والجميل فيها أنها في حدود المعقول، لم تصل لدرجة الضرب في الخاصرة أو الإضرار المتبادل بين الطرفين.
التفاهمات تظل سيدة الموقف.. ومرحلة كسر العظم مستبعدة.. والمراعاة قائمة.. لتوازنات غير مخلة تفرضها طبيعة الأشياء.
لا تهوّر هنا.. الكل ملتزم بحدود اللياقة.. تفجير الأوضاع غير مرغوب فيه، ومستبعد من مختلف الأطراف.
والمسألة، برمتها، تنفيس عن احتقان طال مداه، وإثبات وجود ليس إلا.
وكذا الإعلان عن قدرات وإمكانات أكثر من أي شيء آخر.. في ظل رقابة صارمة لعدم الانفلات والخروج عن السيطرة.. تراشق في حدود المألوف.
بأذرع طويلة، بعيدًا عن المساس بالثوابت المتعارف عليها.. ودون الإيغال حتى مكامن الوجع.
بهذه الكيفية يتم ذلك.. ومن ثم عودة القوى إلى قواعدها سالمة.
حرب تحريك لأوضاع محتقنة ومياه راكدة تبحث عن إلقاء أحجار أو ما شابه، لحلحلتها بهدف السيلان واستئناف الجريان.
أما بعد..
فالواقع أن إسرائيل تبادل إيران عداء أيديولوجيًا، وإن قيل غير ذلك، يتجاوز المصالح الذاتية والشخصية والآنية إلى صراع وجود.. وتحت حماية أمريكية.. وهذا عداء واضح، ولكنه ظل معقلنًا وغير منفلت.
في الوقت الذي يحكم العلاقة الإيرانية/ الأمريكية، في واقع الأمر، صراع مصالح متناقضة وحسب.. يشتد حينًا، ويخفت في أحيان أخرى، دون أن يتحول إلى مسار عنيف، وإن بدا في ظاهره غير ذلك.
الصواريخ الباليستية الإيرانية وصل منها العديد إلى فلسطين المحتلة..
أصداء هذه الصواريخ لم تترك أثرها على هيئة أضرار في العمق، شأنها، في ذلك، شأن الطائرات الإسرائيلية التي حلقت، من جانبها، في الأجواء الإيرانية، وأفرغت حمولتها في أماكن مختلفة، والتي، هي الأخرى، لم تصب العمق الإيراني.
المنشآت النووية والمواقع الاستراتيجية المهمة، في الكيان وفي إيران، ظلت في مأمن، ولم تتعرض للمخاطر.. ما يدل على أن الأمور تجري وفق حرص دقيق وتخطيط مسبق لا يجاوز السيناريو المرسوم، والخروج إلى الخطر الماحق كحدوث حرب شاملة.
ما لم تطرأ أحداث ومستجدات تغير المسار، وتنحو به منحى آخر.