صنعاء 19C امطار خفيفة

كيف يلتقي الحوثي واليسار القروي والانفصاليون على حوثنة الزيود الجمهوريين؟

أشرت في مقالة سابقة إلى أن أهم منجز لثورة سبتمبر تمثل في جمهرة الزيود القحطانيين. وكما هو معروف فقد هيمن هؤلاء على حكم اليمن الشمالي السابق من بعد الثورة، وعلى اليمن ككل من بعد حرب 94. واستمرت هيمنتهم حتى تم تسليم الحوثيين صنعاء في 2014 من قبل خصوم الزيود الجمهوريين، بغرض احتوائهم وتدجينهم.

 
وخصوم الزيود الجمهوريين الذين ذكرناهم، هم طيف واسع من القوى، أهمهم: القوى اليسارية ذات الطابع المناطقي، والانفصاليون، والمناطقيون، بمن فيهم بعض أجنحة حزب الإصلاح. إضافة إلى الكثير من المنتمين لما تسمى منظمات المجتمع المدني المدعومة من "الخواجات".
 
والسؤال الوجيه الذي سيبرز عما ذكرنا؛ ما هو السبب الذي جعل كل تلك الأطراف تتحالف فعليًا أو ضمنيًا مع الحوثيين، مع أنهم يختلفون معهم مناطقيًا وفكريًا؟ والجواب بكل بساطة وجود خصم مشترك لهم جميع، وهم الزيود الجمهوريون القحطانيون.
 
والأمر الأهم في ذلك التحالف، استمراره، على نحو ضمني، منذ بداية الحرب في مارس 2015 وحتى الآن. والهدف من ذلك التحالف، تفكيك اليمن إلى دولتين أو دويلات تحت مسمى الأقاليم.
 
فخطة التفكيك تتطلب أن يُصبح الزيود الجمهوريون، حوثيين، بحيث تصبح منطقتهم إقليمًا مغايرًا من الناحية المذهبية عن بقية مناطق اليمن. وفي حال حدوث ذلك، يصبح تفكيك الدولة اليمنية، على شكل دولتين أو دويلات، مبررًا داخليًا ومدعومًا خارجيًا.
 
ففي الداخل، نجد أن الانفصاليين يبررون الانفصال، بحجة حكم الحوثي معظم مناطق المحافظات الشمالية. وهناك عبارة طالما يرددها الانفصاليون، مفادها: أن من المستحيل استمرار الوحدة طالما أستمر الحوثي حاكمًا للشمال. وكلنا نعرف أن الانفصاليين كانوا حلفاء فعليين مع الحوثي قبل سيطرته على صنعاء، فيما تحولوا إلى حلفاء ضمنيين مع الحوثي، من بعد خروجه من معظم المحافظات الجنوبية، حيث عملوا ويعملون بشكل سري على تأبيد حكم الحوثي للشمال، ليستمر ذلك المبرر، ويستمر الدعم الخارجي لمشروعهم.
 
وما ينطبق على الانفصاليين ينطبق على المناطقيين (دعاة تقسيم اليمن إلى دويلات تحت مسمى "الدولة الاتحادية")، فهؤلاء، وإن كان خطابهم ليس بوضوح خطاب الانفصاليين، عملوا ويعملون على أن يبقى الحوثي مسيطرًا على "الهضبة" (المنطقة الزيدية)، لتصبح فكرة "الدولة الاتحادية" خيارًا وحيدًا لبقاء الدولة اليمنية. والحجة التي تبدو منطقية للكثيرين، وبخاصة في مناطقهم وفي الخارج، صعوبة بقاء اليمن دولة مركزية طالما استمر الحوثي مسيطرًا على "الهضبة".
 
وبالنسبة للقوى الأجنبية التي تسعى لتقسيم اليمن، فإنها هي الأخرى، عملت، وتعمل خفية على حوثنة المنطقة الزيدية، لأن هذه الحوثنة تمنحها الحق في التدخل في شؤون اليمن، وتقسيمه، بحجة محاربة النفوذ الإيراني عبر وكيله الحوثي.
واستنادًا إلى ما ذكرنا، نجد أن من هم في الظاهر أعداء للحوثي، يلتقون معه في هدف مشترك، وهو تحويل الزيود الجمهوريين إلى حوثيين. وقد يبدو ما ذكرنا استنتاجًا غريبًا ومتعارضًا مع السرديات الرائجة، والتي أصبح جميع اليمنيين، تقريبًا، يعتبرونها حقائق ثابتة، بعد أن قامت كل الأطراف الداخلية والخارجية بنشرها، وترديدها.
 
ولكون هذا الاستنتاج على هذا القدر من الغرابة لدى الغالبية العظمى من اليمنيين، والمهتمين بالشأن اليمني، فإن شرح وإيضاح حيثياته يحتاج إلى كتابات كثيرة سأنشرها قريبًا.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً