نادي الأولاد المتقدم في الشيخ عثمان في ظلال المدرسة الابتدائية العريقة في الشيخ عثمان.. صرح تربوي تعليمي شامخ متين البنيان بُني على أكمل المواصفات العمرانية في العالم.. دورين فوقهما سطح خالٍ.. تتوزع الفصول الدراسية الفسيحة داخلهما بانتظام وراحة تامة.. وقتها كان التعليم في وردية صباحية فقط.. تقع المدرسة بين الشيخ عثمان والشيخ الدويل، وبجانبها ملعب ترابي واسع لكرة القدم.. وللمدرسة ملعبها الرياضي الخاص في الفضاء الرحب المحيط بها.. وحولها سور له مدخل واحد يقع عند بوابته بيت شوكيدار المدرسة.. اللي يتأخر منكم يا عيال على وقت الدراسة.. أحسن له يروح يرقد عند أمه!
بجانب بناية المدرسة مبنى يضم غرف ومكاتب المدرسين.. وبالقرب منه منزل مدير المدرسة الجميل المسور بالأشجار الوارفة.. ونحو ملعب الكرة ساحة مسفلتة ومسقوفة تحت ظلالها استراحة لألعاب أخرى... لا وقت للضياع في زمن انتشار نوادي الأولاد في كل مديريات عدن أواخر خمسينيات القرن الماضي..
وقف سير توم هيكنبوثام قدام سير برنارد رايلي "كتاب عدن" وقال: لو توليت إدارة المندوبية السامية لعدن.. أخشى يا سيدي أن يقتلني الملل.. والطقس الحار. !! قال له رايلي: بوسعك تغيير الحياة في عدن للأفضل.. وجعلها مكاناً أحسن للعيش والحياة. !!
وكانت ملاعب الكرة.. والكريكيت.. والبولو.. وسباق الخيل.. والجولف.. والهوكي.. وكان مسبح حقات الشهير.. والمعهد الفني التجاري بالمعلا.. وثانوية البنات الأولى في الشيخ عثمان.. وكانت نوادي الأولاد في كل مديرية أشهرها نادينا المتقدم في الشيخ ابتداءً من ظلال المدرسة الابتدائية وانتهاءً بمبنى جميل راقِ التصميم خاص بالنادي. !!
في ساحة النادي ساحة ألعاب متعددة يتصدرها حصان الخشب الرياضي الذي نسميه الهورس (الصورة)، الأستاذ أحمد الحاج كان معلم التربية البدنية كلها.. يقف خلف الهورس ويتلقف من يحتمل سقوطه من على الهورس قبل أن يقع، علاوة على كونه أكثر الرياضيين تأهيلاً وأحسنهم أدباً، كان نجاراً بارعاً صنع لبيتنا خزانة جميلة للتسريح "شوفينيرة" ما زالت قائمة في مكانها. !!
في نادينا، نادي الأولاد المتقدم كما أسموه، تُقام كل النشاطات التربوية الاجتماعية والأدبية علاوة على فصول دراسية للتقوية يقوم عليها متطوعون علاوة على القائمين بالإدارة، محمد غالب، أحمد خضر محسن، طه أحمد غانم، الشاعر عبدالله عبدالكريم، وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم.. تعليم، خطابة، شعر، مسرح، فنون، مجلة حائطية بارزة.. وكل ما يستحضره الذهن.. كل المهارات تُصقل هنا وتتطور لكل الطبقات.. وقف الطالب فتيني فرحان بخجل قدام لجنة القبول في النادي ليجيب على أسئلة اللجنة: أيش عمل أبوك يا فتيني؟؟ أجاب الولد في خجل شديد كاد يبكيه: --- أبي يعمل في كنس الرصدة. !! تفضل.. قيل له.. لا تخجل من أي عمل مادام شريفاً.. ادخل أنت مقبول. !! وأصبح فتيني بعد ذلك لاعباً مرموقاً لكرة القدم. !!
وتمضي بنا الأيام حانية، رائقة، متألقة.. وواعدة بالمسرات.