لم تكن مجرد ابنة خالتي، بل كانت خالتي من الرضاعة، وأختي التي جمعتني بها ذكريات الطفولة البريئة وأيام الزمن الجميل.
"لقد كانت تكبرني سنًا، وحبها وعطفها لا يمكن أن يُنسى.
عشنا في بيت جدي لأمي، فرج بن سعيد باجيدة، مع إخوتي وأبناء وبنات خالاتي. بساحة مسجد سعيد "السريسار"، وكان شخصية بارزة في مجتمع سيئون، ومؤثرًا فيه، ولعب دورًا مهمًا في حياته المهنية والاجتماعية.
ارتبط بعلاقات وثيقة مع عدد من العلماء البارزين في سيئون، مثل الحبيب محمد بن هادي السقاف، الحبيب عبدالقادر الحبشي "الروشن"، الحبيب محمد بن علي الحبشي، وابنه الحبيب عبدالقادر بن محمد الحبشي وغيرهم.
لم يكن فقط معروفًا بوجاهته وحضوره المهيب، بل كان أيضًا يتمتع بمهارات متعددة في الهندسة والحرف اليدوية، وكان يعمل كسائق لشاحنة نقل من نوع "آيسوزو" موديل 1963، ينقل البضائع بين سيئون والشحر، وهي من أوائل الشاحنات التي دخلت حضرموت حينها.
في ذلك البيت مع إخوتي وأبناء وبنات خالاتي، كنا نملأ المكان بالبهجة، ويحيطنا الحب والدفء والحنان العائلي، الذي كان يغمرنا به جدي وجدتي، عليهما رحمة الله، كان ذلك شيئًا مميزًا يجمع القلوب ويغذي الروح.
لن أنسى ضحكاتنا وأوقاتنا السعيدة التي كانت ساحة مسجد سعيد النويرة شاهدةً عليها، تلك اللحظات الثمينة التي لا تُنسى، حيث الشعور بالأمان والحنان الذي كان يحيط بنا من كل جانب، وستظل محفورة في قلبي".
كانت "هناء" مليئة بالحياة والأمل، تشع نورًا في كل مكان تحل فيه. عاشت حياتها ببساطة وابتسامة لا تفارق وجهها، حتى في أصعب اللحظات.
حلمت بحياة هانئة، مليئة بالسعادة والراحة، لكن القدر لم يمهلها طويلًا.
بدأت معاناتها مع المرض في وقت مبكر، والذي نهش في جسدها الضعيف بصمت، وظلت صحتها تتدهور تدريجيًا، حتى باتت الأيام تثقل كاهلها، كانت تعاني وتقاوم وتصارع الألم.
اشتد المرض عليها، لتبدأ رحلتها الأخيرة في هذه الدنيا. وكان فراقها مساء يوم الأربعاء 21 أغسطس 2024م، مفاجئًا وقاسيًا.
رحلت "هناء" تاركة وراءها فراغًا كبيرًا في قلوب كل من عرفها. بكتها العيون، وتألمت القلوب، لكنها ستظل رمزًا للحب والطيبة، ورحيلها ترك حزنًا عميقًا، لكنه أيضًا ذكرى جميلة لكل لحظة قضوها معها.
أسأل الله أن يعوضك يا "هناء" على تحمل معاناتك في الدنيا مع المرض والحياة القاسية، بجنات عدن، حيث النعيم الأبدي والراحة الأبدية، وأن يجمعك مع الأنبياء والشهداء والصديقين. فصبرك كان عظيمًا. ونسأل الله أن يكون لك عوضًا عن كل ألم تحملته، وأن تكون روحك في أرفع المنازل عنده، مطمئنة وسعيدة.
كما نسأله سبحانه وتعالى أن يعصم قلب والدتك بالصبر والإيمان، وأن يمدها بالصحة والعافية، وأن يلهمنا جميعًا الصبر والسلوان، وأن يمنحنا القوة لتحمل هذا الفراق الأليم.
سيظل اسمك محفورًا في قلوبنا جميعًا، وستبقى ذكراك حية في كل زاوية من حياتنا.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
الأسيف: حسام عاشور
مساء الخميس 22 أغسطس 2024م