يقال في تهامة للرجل الهزيل الشديد الهزال: ممصوص، وكذلك المرأة يقال لها: ممصوصة. قال الزمخشري في كتابه "أساس البلاغة": وامرأة ممصوصة: مهزولة.
وقد تأتي امرأة إلى صديقة لها فتشكو لها، فتتحدث عنها؛ فتقول: والله حسيت بها، وربما قالت: حسيت لها.
جاء في "لسان العرب": وحَسَسْتُ له أَحِسُّ بالكسر، وحَسِسْتُ حَسًّا فيهما: رَقَقْتُ له. تقول العرب: إِن العامري ليَحِسُّ للسعدي -بالكسر- أَي يَرِقُّ له؛ وذلك لما بينهما من الرحم.
وفي تهامة تتحدث عن الشخص وتسأل عنه؛ فتقول: فيان (=أين) فلان مالهش لا حس. أي لم يُسمع منه صوت أو حركة تدل عليه. و(لا) في قول التهامي: (لا حس)، إما أن تكون زائدة؛ فالتهامي إذا تحدث عن أحدهم، وأراد أن يذمه يقول عنه: (فلان ما فيه لا خير)؛ أي ليس فيه خير، وإما أن تكون بمعنى (أي)؛ أي ليس فيه أي خير، فتفيد نفي الخير عنه على جهة العموم والاستغراق.
والحس والحسيس في "لسان العرب": الذي تسمعه مما يمرّ قريبًا منك، ولا تراه.
قال تعالى: "لا يسمعون حسيسها". أي لا يسمعون حِسَّها وحركة تلهبها. قال ابن عطية في تفسيره "المحرر الوجيز": "و«الحسيس»: الصوت، وهو بالجملة ما يتأدى إلى الحِسّ من حركة الأجرام".
والحَسيس والحِسّ: الحركة. وفي الحديث: أَنه -صلى الله عليه وسلم- كان في مسجد الخَيْف، فسمع حِسَّ حَيَّةٍ؛ أَي حركتها وصوت مشيها.
في تهامة وفي تعز وعدن قد تسمع الأم تحذر ابنها، فتقول له: حِسَّكْ بَسَّك.
وفي "الصحاح"، للجوهري: "جيء به من حَسِّك وبَسِّك. أي ائت به على كل حال من حيث شئت. وقال أبو عمر: وجاء به من حِسِّه وبَسِّه. أي من جهده. ولأطلبنه من حَسِّي وبَسِّي؛ أي من جهدي. ويُنشد:
تركت بيتي من الأشـ* ياء قفرًا مثل أمسِ
كل شيء كنت قد جـ* معتُ من حَسِّي وبَسِّي"
وكأن تخريج هذا التركيب في اللهجة التهامية وغيرها من اللهجات اليمنية، بمعنى: اجهد ألا تخالف أمري، أو تخرج عن طوعي. وقد يكون معناها في اللهجة: حسك. أي انتبه واجمع حواسك في ترك أمر ما.
وأما البس في العربية الفصحي، ففيه معنى الزجر، وطلب الانكفاف، بحسب ما يفهم من كلام صاحب الصحاح، حيث يقول إنه: صُويت للراعي يُسكِّن به الناقة عند الحلب. وقال أبو عبيد: بسست الإبل وأبسستها إذا زجرتَها، وقلت: بِسْ بِسْ. ومنه جاءت تسمية الناقة البسوس: وهي التي لا تدر لبنها إلا على الإبساس.
وقال المرتضى الزبيدي في "تاج العروس": يقال في زجر الدابة إذا سيقت -حمارًا أو غيره-: بَسْ بَسْ، وبِسْ بِسْ -بفتح الباء وكَسرِها- وأَكثر ما يُقال بالفتح؛ وهو من كلام أَهل اليَمَن، وفيه لغتانِ بَسَسْتُها وأَبْسَسْتُها.
فيكون معناه: انزجر واترك. ولعل هذا الأرجح في تخريج معنى هذا اللفظ المركب، والله أعلم.
وقال الأستاذ مطهر الإرياني في "المعجم اليمني في اللغة والتراث": "والبِسّ: القط في اللهجات التهامية عامة، والبسة: القطة، والجمع بسس. ومن أمثال تهامة: "لا استد البس والفار يا خراب الدار! (لا) بمعنى (إذا). استدا: اصطلحا".
"ولفظة: بس في اللهجات اليمنية لزجر القطط وإبعادها، لا لدعوتها، كما في كثير من اللهجات العربية". وانظر أيضًا: معجم في لهجة المعافر وتراثها، للأستاذ أحمد شرف سعيد.
وكانت أستاذتنا لمادة الكيمياء في المرحلة الإعدادية، تصيح في وجوهنا عندما تبدأ بسماع جَلَبة في الفصل أثناء التدريس: بَسْ بِسْباس! وكأن ذكرها للبسباس دعاء منها بأن نأكل البسباس عقوبة لنا على إحداث الفوضى، وهي طريقة كانت تتبعها الأمهات في الماضي لتأديب أولادهن. وأعرف صديقًا لي لديه عقدة من أكل البسباس بسبب أمه التي كانت تجبره عندما كان صغيرًا على أكل البسباس عندما تريد عقوبته.