في هذا الفترة من كل عام، تحديدًا من بداية شهر يوليو، تتزين محمية حوف الطبيعية بمحافظة المهرة باكتسائها بالاخضرار، هذا الاخضرار الذي يسر الناظرين، بما فيه من جماليات الطبيعة التي خص الله بها حوف دون غيرها من المناطق اليمنية.
فها هي الأجواء الخريفية الجميلة قد بدأت بالظهور بوضوح على حوف، فالخضرة الداكنة التي اجتاحت هذه المحمية الطبيعية، هي التي تتسيد المشهد حاليًا، ولا تترك مجالًا لما دونها، فهي عنوان حوف الحالي.
حوف هبة الله في أرض المهرة، منطقة تأسر القلوب بمناظرها الجميلة الخلابة.
ففي هذه الشهور تكون حوف وجهة للزوار من كل مكان، ممن يريدون الترويح عن النفس من مشاغل الحياة، فيأتون لها من أماكن بعيدة لأجل أن يقضوا أوقاتًا جميلة مع أسرهم بين بساتينها بزهورها الفواحة بالروائح العطرية الزكية وحشائش الأعشاب الناعمة الملمس، تلك البساتين والحشائش والأعشاب التي تنمو في هذه الشهور مع الرذاذ المتساقط في كل الأوقات.
لن أبالغ كثيرًا لو قلت إنه ليس لحوف مثيل في هذا الفترة في كل المناطق.
ما يؤلمنا ألمًا ما له نهاية، هو عندما نرى الأشقاء في سلطنة عمان تحديدًا المحافظة المجاورة لحوف محافظة ظفار، وهم يهيئون أنفسهم لهذه المناسبة التي لا تأتي إلا في العام مرة واحدة، فنرى استعداداتهم الكثيفة لاستقبال هذه الظاهرة، ظاهرة اكتساء الأرض بالخضرة من خلال تساقط الأمطار المتواصلة، فتتحول الأرض قطيفة خضراء.
فهم -أي العمانيون- يجنون من هذه الظاهرة فوائد كثيرة، خصوصًا الفوائد المادية، وذلك من خلال إقامتهم الحفلات الموسيقية والمهرجانات التراثية، ولعلنا هنا نذكر مهرجان صلالة الشهير، فيستقدمون الفنانين لإحياء الحفلات، فتنتعش الحركة التجارية لديهم بحكم كثرة الزوار، وهذا ما يعود بالنفع عليهم، على عكسنا نحن، إذ تمر علينا هذه التجارة الرابحة دون الاستفادة منها، فتخضر أرضنا وتبدأ بالتصحر رويدًا رويدًا إلى أن تختفي تمامًا هذه الخضرة، ونحن مكتوفو الأيدي مع تقاطر الحسرات تلو الحسرات.
وبالعودة للعنوان أعلاه، فكثيرًا ما نسمع في أحاديث الناس حاليًا من كلام بنفس كلمات العنوان الثلاث "خذوني إلى حوف"، وكذلك سمعنا ما هو بنفس المعنى مع اختلاف الكلمات من مثل قول البعض "ما لها إلا حوف"، "من يأخذنا إلى حوف"، "بخت من دحقت أقدامه أرض حوف وطاف وتمشى بها"، فحوف بجمالها الرباني الحالي يكثر ترديدها على مسامعنا، وهي تستحق الاهتمام المتزايد من الناس، وأكثر بما حباها الله من الفرادة والمحاسن.
فهل من يتجمل في أخذنا إلى حوف حتى يتحقق حلمنا برؤية هذه الفاتنة المهرية الجميلة؟
لكن نقول من يدري، فقد يسخر لنا الله من يحقق ذلك الحلم المنتظر طويلًا.