ما برح حاقدون يستهدفون اليمن وتاريخه المجيد بالأباطيل، فكلما جاء ذكر اليمن الطيب المطيب، إذا بهم يفقدون صوابهم، ويخرجون من طورهم، مهرولين دون شعور إلى القنوات الإعلامية، ووسائل التواصل الاجتماعي، مطلقين كل ما تسول لهم أنفسهم الأمارة بالسوء من ألفاظ، وحكايات، وقصص، للنيل من سمعة اليمن إنسانًا، وتاريخًا، لإشباع رغباتهم الحاقدة، ورغبات كل من يقف معهم في دائرة الإساءة.
إن هؤلاء الناشرين غسيلهم على حبال الفضائيات ما انفكوا يقدحون، ولعوامل سيكولوجية، وبكلمات غير لائقة، يشوهون سمعة اليمن، فلربما يعود ذلك إلى نجارهم غير العربي..
يقينًا، إن هذا الأمر لا يسوى عند شعب اليمن شروى نقير، بقدر ما يهمه عدم التدخل في شؤون اليمن من هؤلاء النفر من الناس.
للأسف الشديد، لن يهدأ لهم بال سوى أن يصروا على تشويه تاريخ اليمن بسوء حصاد ألسنتهم، فلا صحت ألسنتهم، ولا جبر الله بخاطرهم.
وما يجب عليهم، أن يقرأوا التاريخ جيدًا، أو أن يستعينوا بباحثين ومتخصصين في التاريخ اليماني وتاريخ الشعوب الأخرى، لعل وعسى أن يستوعبوا تاريخ الأمم وحضاراتها لمعرفة الحقائق وتصحيح معلوماتهم.
كل ما في الأمر، أني لن أستغرق بالتفاصيل في هذا الشأن، فقد قالها العرب قديمًا "البلاغة في الإيجاز"، ولمزيد من المفهومية لهؤلاء الناعقين، إن اليمن أصل العرب لا مراء، والحضارة اليمانية أسهمت بقدر وافر في مجالات الهندسة، والفنون، والفلك، وصناعة السفن، والتواصل التجاري عبر مسار التاريخ الإنساني في مسلسل لا تنقطع عراه، وبحكم الزمن لكل حضارة عمرها، وإن بهتت دهرًا فإن مصيرها أن تنهض من جديد متى ما توفرت الأسباب كطائر العنقاء ينهض من رماده، وسيبقى الإنسان اليماني حديث الزمان والمكان في تاريخه، وصفاته، وفروسيته (البوشيدو) المتمثلة بالنبل، والشهامة، والحكمة، والشجاعة، والكرم، مهما قست عليها الظروف أزمانًا.
وتأسيسًا على ذلك، فقد أثنى نبي الله ورسوله (محمد صلى الله عليه وسلم) على اليمن وأهله في مقولته ذائعة الشهرة: "أتاكم أهل اليمن، هم أرق قلوبًا، وألين أفئدة، الإيمان يمانٍ، والحكمة يمانية".
كل ما في الأمر، أن كل كلام الحاقدين البغيض عن اليمن، يسيء إلى بلدانهم كثيرًا في نظر الشعوب المتحضرة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: من هيأ لهم الفرصة للتطاول على اليمن، البلد العريق، وبلد الممالك (المناذرة، الغساسنة، وكندة، وحمير وسبأ) من شمال الجزيرة العربية حتى البحر اليماني (بحر العرب) في الجنوب.
أليس ما يقوم به هؤلاء الحاقدون من عمل، إنما يمجه الذوق السليم، ولا يوقره العقل الحكيم، مبعثه سوء تصرف وقلة تدبير؟
ويستحضرني في هذه المناسبة بعض أبيات من الشعر، لتشنيف مسامعهم:
"إن الزرازير لما قام قائمها
توهمت أنها صارت شواهينا
إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفًا
أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا
لا يظهر العجز منا دون نيل منى
ولو رأينا المنايا في أمانينا"
حقيقة، إن أفعالهم المستهجنة لا تمت للأخوة بصلة، فكل ما بوسعنا أن نسدي لهم نصحًا، ألا يذهبوا بعيدًا في خيالهم (الدون كيوخي) الجامح، بل يغيروا هذا الواقع المريض، ويتعاملوا مع الأمور بواقعية، واتزان، فلا داعي أن يتحدثوا بأسلوب ممجوج عن اليمن وشعبها العريق بما يخالف الأصول المراسيمية المتبعة لمخاطبة الدول والشعوب، قال حكيم: "لسانك حصانك، إن صنته صانك، وإن هنته هانك، وإن خنته خانك".
جوهر القول، إنا نأمل أن يتركوا اليمن وشأنها، فإن دوام الحال من المحال، ويصبحوا على ما يفعلون نادمين، حيث لا ينفع الندم.