حياة في ال inbox
في الطريق الهوائي وتنظر إليه رفيقاً، ترمي حياتك بوعي شقي. أنت الذي غرقاناً وتبتسم. أنت الذي في البرد وتلوذ بالinbox كمدفأة، وأهل وصحبة مساءات كسولة وساكنة. أنت الذي بعِّداد عطلان لا يحصي شيئاً ولا يراكم، وتود هذا وتهواه إذ ولا علاقة لك بشيء أو كائن. لا علاقة لك بهواء أو قصاقيص ذكرى، كأنها لم تمر تحتك أبداً، ولم تكن فيها.
أنت الذي لا يعنيك شيئ ولا تلتفت.. لا يعنيك شيء بالمطلق والمعنى المفتوح على الليل: أصدقاء الرحلة اليتيمة، عناوين الأخبار الموجزة، تنويهات المفقودين والمفقودات في الصحف الرسمية ومعظمهم كان يعاني من أزمة نفسية أجبرته على ترك الكون ومشاغله، درجات الحرارة الكبرى والصغرى، نتيجة المباراة الحاسمة بين فريقي فالنسيا وريال مدريد والمنقولة الآن وحصرياً على قناة «الجزيرة الرياضية» المشفرة، لا اكتراثك بالزغاريد والتهليل والتكبير حال ظهور حنان ترك في احتفالها بارتداء الحجاب، كما ولا اهتمامك أنها تقضي أغلب ساعات يومها في حجرتها بغرض تضبيط المكياج وحجابها الجديد الذي استغرق منها وقتاً طويلاً أدى لتأخرها عن موعد ظهورها في حلقة من برنامج «البيت بيتك».
لا يعنيك شيء وأنت بلا حديقة تقول لأزهارها صباح الخير وتسأل عن الحال. لايعنيك شيء وأنت تعلم مسبقاً أن اللحظة السياسية الراهنة تدخل وتخوض في أزمتها الوطنية. كما ومقتنع أن تأثير هذا سيكون مقلقاً على صعيد الرصد التاريخي المنعكس على العوامل البنيوية لتلك الأوضاع ولن يغير صحيانك باكراً في الأمر ولا خطوة واحدة. عليه يبدو أن على أمن المنطقة القومي بخطته الخمسية ا لذهاب في رحلة مدرسية للضاحية وبتكاليف ليس لها إرهاق وسادتك.
لا يعنيك شيء. فقط حضورك في الinbox خاصتك فلتاناً من أية التزامات ولو خفيفة. فقط هو الinbox وحضورك فيه لاعباً بأصابعك على أزرار الكيبورد كاتباً ما يفيد تواصلك مع كائنات لا تعرفها. مجرد كائنات افتراضية يغويها الinbox وما فيه. مجرد كائنات متفلتة ومثلك. كائنات تعمل على إعادة تفاصيل حياتها بأصابعها ومتدخلة فيها، حاذفة هذا ومضيفة ذاك في لعبة لها أن تعمل على تمهيد إخراج الصورة النهائية بذلك الشكل الذي يرضيها ولا يفعل في داخها ألماً.
كائنات فقط، لا أقل ولا أكثر، في الحياة الافتراضية، لا تعطي ولا تود الأخذ. لاتشتاق ولا تحاول فعل ذلك، مجرد دحرجة كرة العمر دورة واحدة للامام وبشكل يومي وروتيني مقدس ومصان بهدف تقليل المسافة الفاصلة بينها وبين موتها. ووقت التعب، تعلق حلمها على حائط بابتسامة محايدة، تشد اللحاف تالياً على جسدها الممدود.. وتنام.
- جمال جبران
حياة في ال inbox
2006-11-30