"بري يراك مستورة"... قالتها بلهجتها التونسية ووجهها الرضي... لامست قلبي كلماتها كرذاذ المطر يغسل زهرة ياسمين... رددت وراءها آمين من كل أعماقي..
أكملت طريقي شاردة أفكر بجملة تلك الغريبة.. بنعمة الستر العظيمة.. بصلواتي التي أتمتم بها لكل أحبتي: "يجبرك ما يكسرك أبدًا"! أستشعر معنى أن يسترك الله... أن يحجب عن العالمين ضعفك.. أن تكون آمنًا دائمًا... أن يمنع عنك سوء الآخرين وسطوتهم وبغضهم... ألا يستطيع أحد أن يلوي ذراعك بشيء أو يمن عليك بفضل... أن تمشي بين الناس مرفوع الهامة ناصع الجبين... وأن يكون لك ملاذ آمن تأوي إليه كل فزع وكل فرح... وأن يعانق خدك وسادتك كل ليلة وأنت مطمئن الروح مرتاح الضمير...!
أن تفتح نوافذ قلبك للصباح معافى مكتمل الحواس والإحساس...
أن تمارس روتين حياتك وتنجز مهامك بنفسك.. لا عكاز لا حاجة ليد تنهضك!
أن ترتشف صوت أحبتك وضحكاتهم... وتنصت للعصافير وحفيف الأشجار، وتستمتع بجمال زهرة برية نبتت دون عناية...
أن تقدم الخير للآخرين دون انتظار شكر أو مقابل... أن تستطيع الابتسام في وجوه الآخرين والتربيت على قلوبهم وأنت تردد بداخلك: استر وجعي يا الله!
يسترك.. يعني أن يمسح على قلبك ويغنيك، فلا تتسول ودًا ومحبة من أحد لا يقدّر محبتك.. ولا تهدر روحك في الطرقات الخاذلة.. أن يرزقك بمن يصونك ويحتوي ضعفك وإنسانيتك.. ويكون على مقاس قلبك..!
أن يمنحك البصيرة لترى الأشياء والأشخاص على حقيقتها لا كما تحب أن تراها!
أن يبقى شغفك متقدًا وذهنك صافيًا، فلا تتعثر في دراستك ولا عملك، ولا تأتيك نظرة شفقة أو شماتة من صديق أو عدو!
أفقت من شرودي على صرير مكابح سيارة وفتاة تجذبني بكل قوتها نحو الرصيف... ابتسمت لها ورددت: بَرّي يراك مستورة مجبورة!