صنعاء 19C امطار خفيفة

روح الزعيم "جمال عبدالناصر" تحلق في سماء اليمن

تتزامن الاحتفالات السبتمبرية بالذكرى الـ62 لثورة 26 سبتمبر المجيدة، مع الذكرى الـ54 لوفاة الزعيم جمال عبدالناصر -طيب الله ثراه- الذي عمل متفانيًا من أجل انعتاق الأمتين: العربية -الإسلامية والإفريقية من ربق الاستعمار، والعبودية، والتخلف، وكرس نفسه في الدفاع عن قضايا الأمتين العربية -الإسلامية والإفريقية، وإصلاح ذات البين العربي والإفريقي.

 
ويستحضرني هنا جلسته الأخيرة في مؤتمر القمة مع الملوك والرؤساء العرب، في لم الشمل الفلسطيني -الأردني، وإيقاف نزيف الدم بين الطرفين إثر معارك ضارية نشبت بينهما في العاصمة الأردنية -عمان، الأمر الذي زاده إرهاقًا نفسيًا ومعنويًا فوق ما يعانيه من مرض عضال.
 
وقد اختتمت الاجتماعات في 28 سبتمبر 1970م، وتوجه الرئيس جمال عبدالناصر إلى منزله بعد توديع أمير الكويت الصباح، آخر المغادرين في الاجتماع، إذ ارتقت روحه إلى باريها عن عمر ناهز الـ52 عامًا، شهيدًا للواجب القومي العربي والإفريقي.
 
وبحزن عميق وأسى عربي، وإفريقي، وعالمي، هب رؤساء العالم وجميع الحاضرين من كل حدب وصوب، لتوديعه إلى مثواه الأخير، بموكب جنائزي مهيب، تاركًا فكرًا ومبادئ ملهمة للأجيال.
 
وتتزامن ذكرى وفاته الـ54 مع احتفائية الذكرى الـ62 لثورة 26 سبتمبر المجيدة، التي قدم فيها خيرة أبناء مصر لدعم ومساندة الثورة اليمنية، إلى جانب إخوانهم اليمنيين شمالًا وجنوبًا، ومن هبوا من بلدان المهجر لنصرة الثورة اليمنية، وتحطيم أسوار الانغلاق والعزلة في الشمال، وطرد المستعمر من الجنوب.
 
من مسلمات القدر أن الجسد فانٍ، والحياة فانية، والروح باقية في ملكوت الله.
 
ويسود اعتقاد اليمنيين بأن روح الزعيم جمال عبدالناصر ماتزال تحلق في سماء اليمن، وستبقى ملازمة لليمن وأهله في كل ذكرى للثورة اليمنية.
 
وفي السياق نفسه، إن الشعب اليمني لم ولن تفارقه ذكرى أولئك الأبطال، وتضحياتهم الجسام في ميادين العزة والكرامة، حيث اختلطت الدماء اليمنية بالدماء المصرية، في السهول والهضاب والفيافي الرحاب، وكان ثماره ميلاد نظام جمهوري في 26 سبتمبر 1962م، باسم الجمهورية العربية اليمنية، بقيادة الرئيس عبدالله السلال، أول رئيس لأول جمهورية يمنية في التاريخ (الجمهورية العربية اليمنية)، واستمر حكمه حتى انقلاب 5 نوفمبر عام 1967م، أثناء زيارته العراق، وبدء انسحاب مصري تدريجي بعد نكسة 5 حزيران/ يونيو 1967م.
 
استمرت التدخلات في شؤون اليمن الداخلية، واحتدمت الحروب بين الجمهوريين والملكيين في السبعين يومًا، انتهت يوم 7 فبراير 1968م، ثم بين الجمهوريين أنفسهم في 24 أغسطس 1968م، وفي عام 1970م بدأ لم الشمل اليماني في مؤتمر الصلح بين الجمهوريين والملكيين، تحت راية "الجمهورية العربية اليمنية"، عقب تفاهمات بين الزعيم جمال عبدالناصر حسين وجلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود.
واستمرت الأمور في صراعات داخلية على مستوى الشطر الواحد، وبين الشطرين اليمنيين، صاحبها اغتيالات، وتدخلات لعب فيها المال الرخيص دورًا كبيرًا، إلى أن توحد شطرا اليمن في 22 مايو 1990م، تحت اسم "الجمهورية اليمنية"، بإرادة شعبية مطلقة. وساد بعد ذلك حالة من عدم الاستقرار، تمثلت بالحروب والفساد حتى عام 2011م، وقيام ثورات الربيع العربي.
 
ونظرًا لموقع اليمن الاستراتيجي، فقد جعلها ذلك عرضة للأطماع الإقليمية والدولية، وعدم الاستقرار، ولا نعلم إلى أين تتجه التطورات في خضم الصراعات وعدم التفاهم الداخلي بين الإخوة.
 
نأمل أن تتحرر النفوس، ويلتئم الشمل اليماني، وتأتي الذكرى السبتمبرية القادمة 2025م، عنوانًا ليمن الإخاء، والمساواة، والعدالة، دون أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية، سواء أكانت إقليمية أو دولية.
 
ونطمئن في نفس الوقت روح الزعيم جمال عبدالناصر، في عليائها، وكل شهداء مصر واليمن، ومن أسهم بالمال من التجار ورجال الأعمال، ومن ناضل وكافح في ميدان الشرف والكرامة، نطمئنهم جميعًا بأن الشعب اليمني سيظل على العهد باقيًا حتى تحقق الثورة السبتمبرية مبادئها وأهدافها.
وكل عام واليمن ومصر وبقية الدول العربية بأمن وأمان واستقرار.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً