يتذكر ما أقول "الرعوي" حمود منصر…حضرنا معًا ورشة عمل مع الأمريكيات الثلاث لم تسعفني ذاكرتي لأتذكر عنوانها..
ما يهمني هنا، هو أن أكبرهن سنًا فتحت الباب من التاسعة صباحا للكلام، فتكلمنا حتى تعبنا!!
فيما قلناه ركز معظمنا على اتهام المسئول الفلاني "الكبير" بالفساد، معظمنا ذكره، حوالي الثانية عشرة ظهرًا، قالت كبيرتهم:
هل اكملتم؟
قلنا: الحمد لله.
فاجأتنا بالقول:
لم تقولوا شيئًا، الملاحظ أنكم اجمعتم على ذكر اسم تردد كثيرًا، سأسألكم: هل جمعتم أدلة على فساد وتقدمتم بها إلى القضاء؟
أُصِبنا بالصمت المريع.
فهمت أن كل ما قيل لا يسنده أي دليل..
ابتسمت، وجهت كلامها الينا:
تعرفون، يمكن له أن يتهمكم بالقذف ويقاضيكم!!!
صمتنا، صمت القبور.
واردفت:
من خلال كلامكم اجمعتم على أن اليمن لم يحقق شيئا منذ عام الوحدة 90!
لا.. لقد تحقق الكثير.
نحن في أمريكا عمرنا 200 سنة وما نزال نناضل من أجل الحقوق، نحن إلى عهد قريب وما تزال المطاعم تمنع الكلاب والزنوج من الدخول إليها.
تعالوا الان نقسم السبورة قسمين، على اليمين سنكتب ما تحقق حتى الان، وعلى اليسار مالم يتحقق..
ايضا عندما بدأنا نتحدث، كلنا رحنا نسهب فيما تحقق!!! بإعجاب.
مشكلتنا اليمنيين مثل حكاية الاعجابات في الفيسبوك، تكتب شيئًا، تجد الجميع يعجبون، وفي نفس الوقت يشتمك أحدهم او يتهمك بما يريد، ترى الاعجابات تتدفق، وتستغرب أن أسماء رفعت لك القبعات احتراما، عادت تحيي من اتهمك او شتمك!!! في قريتنا نقول:
مع الخيل يا عرجاء..
أسوأ أمران يتهم بالفساد فاسد!!!
يجرنا ذلك الى سؤال:
من هو الفاسد في هذه البلاد؟
لو فتحت الباب للكلام ستجد طابورا طويلا يمتد من صعدة الى المهرة يتهم كل المسئولين حاضرهم وماضيهم بالفساد، وفي نفس الوقت لا تجد احدا في هذا الطابور يمسك بيده أدلة على فساد هذا او ذاك!
وهذا للأسف يجعل الفاسد الحقيقي يضيع في زحمة إرسال الاتهامات في كل اتجاه!!! وأسوأ ما في الأمر "الشتائم" التي توجه بالحق والباطل حتى يتوه الحق في الزحمة هو الآخر!!!
كتابات كثيرة، وتعليقات هنا أكثر توجه السهام نحو معين عبد الملك رئيس الوزراء السابق أسوأ ما فيها البذاءات التي لا توفر عرضًا ولا كرامة..
الآن سيغيب معين عن المشهد وسيتم التفرغ لغيره. للأسف حسب علمي ان لا دليل بالحق العام قد ذهب به أي من الذين يكتبون الى القضاء على علاته، المهم أن صاحب الدليل قدم ما عنده الى القضاء وقالها بالصوت الحياني:
انا اتهم فلان وبالأدلة …لم يحصل حتى الآن.. وأسوأ ما في الأمران تقرأ لمن هو أكثر فسادا من المتهم بالمزاج!!!
أنا لا أدافع هنا عن معين عبد الملك، وليست لي به مصلحة من قبل ولا من بعد، لكنني اعلم يقينا ان الاتهام بلا دليل يحمل صاحبه المسئولية …انا ادافع عن قيم واعلم أن معظم ما يقال مقاضاة أغراض شخصية بحتة، لأن فلانًا لم يعين فلانًا، ولأن علان اسم أمه لم يعجب زعطان!!
العلاقة الشخصية هي الفيصل في معظم احكامنا.
وكثير منا لم يتعلم أدب الاختلاف
ومعظمنا لا يفرق بين ما هو كرامة شخصية وما هو حق عام.
وهذا ما يجعل الفساد يستشري ويكبر، لأن لا أحد يقف بوجهه بقوة وبالدليل..
في أحد شوارع نيويورك قال صاحبي:
انظر الى ذلك الموكب من السيارات السوداء، قلت:
ماله، سيارات مثل ما نرى في الشارع، قال:
لا.. هو موكب زعماء المافيا، والشرطة تدري، لكنها بحاجة الى دليل للقبض عليهم..
هنا غاب الفساد وغاب الدليل
فازدهر الفساد ابو الف شريحة..
ولا عزاء للفاسد الذي يتهم الآخرين بالفساد فقط لأنه لم يحصل على نصيبه من الكعكة، أو كاتب بذيء لا يدري كيف يحفظ كرامة الناس الشخصية وحقه في الوقوف في وجه الفاسدين.. لأنه فاسد واول ماتدهن فمه بالأخضر يصاب بالصمم..
خلط الحابل بالنابل أرضية خصبة لنمو الفساد... ولذلك تجد الكل يتهم الكل بالفساد، والفاسد الحقيقي بعيد يضحك على الطرفين …
المضحك المبكي أنك ستجد وقريبا جدا من يقول لك وممن كانوا يهاجمونه ويشتمونه:
والله العظيم ان معين عبد الملك ما في أحسن منه!!!!
وهكذا..
النداء
عبد الرحمن بجاش
6 فبراير 2024