توقعنا أن لقاء في عمان لخمسة من وزراء الخارجية العرب، مصر، الأردن، السعودية، قطر والإمارات، غير المفوضين من جامعة الدول العربية، ومسؤول قيادي من منظمة فتح، في 4 نوفمبر، مع وزير خارجية أمريكا -إسرائيل بلينكن، سينجح في ثنيه عن دعم بلاده للمحتل ولحربه الوحشية ولإباداته حتى لمزارع دواجن غزة، وأن يقال له علنًا أن مقاومة المحتل مشروعة، ولكنهم خيبوا أملنا.
يوم أسود:
سيسجل التاريخ العربي أن يوم السبت 4 نوفمبر 2023، يوم أسود في تاريخنا، لأن الستة لم يعبروا عن مواقف شعوبهم، ويقولوا لبلينكن بأن هزيمة المقاومةليست في صالح استقرار المنطقة التي تحلبها واشنطن يوميًا، ومصلحة فلسطين والأمن القومي العربي، وأنها لو تمت ستكون مصلحة صافية للمحتل، وأنهم لا يتفقون معه حول تصريحاته المتكررة للقضاء عليها، ورفضه وقف النار، ويعترضون على دعم إدارة بايدن غير المشروط لدولة الاحتلال تحت غطاء زائف وكاذب، هو حق الدفاع عن النفس، وأن مقاومة الاحتلال مشروعة.
ولم نسمع من الستة، وقد غاب ممثل فلسطين، عن منصات المؤتمر الصحفي، برغم أن القضية قضيته، قبل أي طرف آخر، ما يعزز أملنا بأن غزة لا تقاوم وحدها. كان يجب أن يكرروا إذا أعجزتهم اللغة، ما سمعناه من الرئيس الروسي بوتين، بأن أمريكا تتحمل وحدها مسؤولية ماحدث في 7 أكتوبر، لتماهي سياساتها مع سياسة دولة الاحتلال التي ترفض قيام دولة فلسطينية، أو ما قاله مندوب روسيا في الأمم المتحدة، بأن القانون الدولي يحرم المحتل من ممارسة حق الدفاع عن النفس. لقد أصّلت كل مقاومة عبر التاريخ، شرعية مقاومتها، بما فيها مقاومة أمريكا للاحتلال الإنجليزي "الشقيق"، ومقاومة النازية في الحرب العالمية الثانية، ومقاومة الجزائر والجنوب اليمني للاحتلالين الفرنسي والبريطاني، ومقاومة جنوب إفريقيا للنظام العنصري الأبيض التوأم لنظام تل أبيب الخ... لقد نسي من علقنا عليهم الأمل، أن يستشهدوا حتى بما قاله أمين عام الأمم المتحدة، بأن ماحدث في 7 أكتوبر لم يأتِ من فراغ. لم نعلم أن أحدهم قال لإدارة بايدن إننا لن نقبل بهزيمة المقاومة، وسنحبط سياسة الكيان وكل داعميه، الرامية إلى هزيمتنا في غزة. لنتأمل خطورة ما انفردت بنشره صحيفة "الجارديان"، في 4 نوفمبر، ولم تنفه أية جهة رسمية، بأن "الولايات المتحدة تقول بأن الدول العربية وافقت على أن حالة الأمر الواقع وسيطرة حماس على غزة لا يمكن أن تستمر".
إن استراتيجية إسرائيل التي لن تحيد عنها، هي الرفض المطلق لقيام دولة فلسطينية، وقيام حكم ذاتي عميل تسيطر عليه كدولة مستعمِرة.
وفي عمان، لم يطلب أحد من واشنطن أن تكف عن دعم دولة الاحتلال عسكريًا واستخباراتيًا واقتصاديًا ودبلوماسيًا وسياسيًا، لكي تنصاع لإرادة الشعب الفلسطيني وللقانون الدولي.
مقاطعة عربية لمؤتمر باريس:
أخيرًا، أدعو إلى مقاطعة عربية شاملة للمؤتمر الذي دعا إليه العدو اللدود الجديد لفلسطين، الرئيس الفرنسي ماكرون، في 9 نوفمبر، لدعم غزة "إنسانيًا"، احتجاجًا على سياسة فرنسا تجاه فلسطين. الشعب في غزة سيغنيه دعم العرب الإغاثي، لو نصحوا، ولا حاجة له لدعم مشبوه من دول تؤيد إسرائيل بدون تحفظ، وتريد تطهير آثامها أمام أقسام كبيرة من شعوبها تعارض سياسة الإبادة الجماعية والدمار في غزة المحاصرة برًا وبحرًا وجوًا.
إن الحرب على غزة ستقرر مصائرنا وتوازن القوى في منطقتنا والعالم.
ما سبق ليس للإحباط، فالثقة قوية بأن عروبتنا ستستيقظ، وسنحدد العدو من الصديق، وتصبح فلسطين ومصلحتنا القومية بوصلتنا.