إدغام بِغُنة.. الهاربون «إلى» المعركة - عابد المهذري
< كمن يهرب من المطر.. تَفِر الحكومة من مواجهة الحقائق المتفاعلة على أرض الواقع.. فتلجأ إلى فنون المغالطة والتضليل لكبح جماح المعارضة. لكن الأيام أثبتت فضل هذه الأساليب؛ لأن المواطن لا يمكن أن «يتعشى» بذات الأكاذيب التي «أفطر» عليها في الصباح.. فما بالك بالأجانب!! وقد صارت سمعة حكومة المؤتمر لدى مؤسساتها المانحة تتصدر القائمة السوداء في لائحة الأكثر كذباً و مخادعة.. كما هو تصنيفها في مقدمة أوائل دول العالم «الأزيد» فساداً.. اللهم لا حسد!!
< إنها سياسة «الفرار» والهروب الدائم من تحمل واجبات المسؤولية. في القضايا الهامة والمشاكل الصغيرة والبسيطة جداً.. يتهرب الموظف من اختصاصه بإحالة التفاصيل إلى رئيس القسم، والذي بدوره يحيلها إلى مدير الإدارة لتصل إلى المدير العام، ثم إلى الوزير، وصولاً إلى رئيس الوزراء والقائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن ورئيس الحزب الحاكم «المتديول» منذ ثلاثة عقود!! قد تكون القضية تتعلق بتهريج لحفر «بلاعة» في شارع خلفي كما قد تكون مرتبطة بمشروع «استثماري» عملاق يدخل صاحبه إلى البلد على ايقاعات «ما في النجوم إلا سهيل» ويخرج هارباً بجلده وهو يلعن البلاد التي يتعامل مسؤولوها الكبار مع «المستثمر» كصيد ثمين، يصطادونه بسنارة قانون الاستثمار بمزاياه الخادعة، قبل أن تذبحه عقلياتهم الصدئة بسكاكين «الشراكة مقابل الحماية».. فيما التلفاز يكيل تمجيد القائد الرمز والأمن الذي ساد دولة المؤسسات في عهده.. ولا يجده عشرات المستثمرين الكبار جداً ليحميهم من رجاله المعروفين أو يؤمنهم من غدر سياسات حكومته الرشيدة.. فيعود بأقل الخسائر وتعود بلادنا إلى قرون الماضي المتخلف وثقافات العصور الجاهلية على يد ذات القادة النواخذ!!
< حتى السيد الرئيس يهرب -أحياناً- إلى القضايا العربية والدولية كلما تأزم الوضع المحلي وتردت أحوال الناس وازدادت ظروف الشعب تعاسة وبؤساً والإنشغال بمصير الأمة و«مبادرات» إصلاح العالم على الطريقة اليمنية.
يقابله إنهيار وطن وتصدع خارطة هي الأجدر بالرعاية والإهتمام والمبادرة لمعالجة أخطاء الحكم، بدلاً من ذر الرماد على عيون القوم، بالتحسر على ما يجري في موزمبيق ودارفور وجنوب لبنان وبوركينا فاسو؛ لأن توفير تلك المشاعر الانسانية لمواساة ضحايا الثأر والحوادث المرورية فوق اسفلت الطرق المتعرجة والضيقة وقتلى سرطانات المبيدات المحرمة والأدوية المزورة والغذاء المهرب برعاية رسمية، هو الأنسب لتأكيد قرب القائد من الشعب الذي لا يراه إلا في شاشات التلفزيون أو خلف زجاج عاكس داخل موكبه الكبير المدجج بفيلق حراسة يحميه من القدر الذي ليس منه مفر، سوى بإتجاه «قطر» لمجاورة الموريتاني ولد الطايع!!
< الآن.. نقف على أعتاب معركة الهروب الحقيقي من نيران الواقع المفجع بخطوات ثابتة نحو صناديق الإقتراع.. في أيدينا مشاعل الحرية وداخل نفوسنا تنبض روح التخلص وإرادة التغيير؛ هروباً من تعثرنا المزمن والتقوقع المسيطر دون ذنب اقترفه الشعب غير ذنب الإصطفاف الدائم على الأرصفة والهتاف بشعارات الإفتداء للزعيم المفدى بأرواح الغلابى ودماء المستضعفين من أبناء أرض السعيدة!!
< قد يطول الهروب لأمد طويل.. لكن البشرى تأتي من أمثولة شعبية يكون موعد اللقاء فيها يوماً واحداً عقب سنوات.. وربما اليوم يأتي صبيحة 20 أيلول القادم.. إذا ما تذكرنا جيداً مرارة الصبر والإستكانة والرضوخ، والتهرب حتى من الوقوف مع الذات.. وقفة مراجعة وتدقيق نحتاجها في هذه المرحلة الفاصلة لتكون تعويضاً لما فرطنا فيه سابقاً من فرص، إنتصاراً لإرادة الوطن المخنوقة في أعماق شعب يئن من جور الدهر وغدر الزمن وظلم الحظ العاثر!!
alabed
إدغام بِغُنة.. الهاربون «إلى» المعركة
2006-08-10