راقصة يمنية تثير حرباً بين تجار الآثار
*بشير السيد
أصدرت الهيئة العامة للآثار والمتاحف، الأحد الماضي، تعميمها الثاني لشرطة الانتربول الدولي ومنظمة اليونسكو بشأن تمثال الراقصة اليمنية. وجدد تطلبها منهم تعقب التمثال وحظر بيعه في المزادات العلنية ومساعدة الهيئة في استرداده. وكانت الهيئة أصدرت التعميم الأول منتصف العام الماضي بعد أن تأكد لها تهريب تمثال الراقصة إلى خارج اليمن. بالنسبة لمسؤولي الهيئة فإن تمثال الراقصة يعد من أجمل وأندر التماثيل التي عثر عليها منذ بدء استخراج القطع الأثرية. هو من آثار محافظة الجوف مصنوع من البرونز لامرأة على شكل راقصة يرتكز على قاعدة مستطيلة تحوي كتابات بخط المسند. عدى هذا يحمل التمثال رقم 619 في سجلات الهيئة. لم تنته عروض الراقصة اليمنية، لكن الهيئة فضلت إسدال الستار. وطبق المعلومات التي حصلت عليها «النداء» فإن صالح جابر البقري عثر على الراقصة أواخر العام 2001. البقري يعمل لحساب الهيئة العامة للآثار حارساً مدنياً لمدينة السودة الأثرية بالجوف.
بعد مضي عامين كانت شهرة الراقصة قد بلغت أماكن عدة، وحين امتدت إلى العاصمة قرر رئيس هيئة الآثار السابق إرسال لجنة للتحقيق مع البقري. ظلت اللجنة يومين في الجوف. ونفى البقري علمه بشأن الراقصة.
عادت اللجنة تحمل تقريراً، لا عن الراقصة، بل عن بلاغ كاذب. مطلع مارس 2008 تلقت هيئة الآثار بلاغاً آخر أفاد بإن الراقصة اليمنية هربت إلى مدينة دبي وقبض البقري 14 مليون ريال قيمتها. مقدم البلاغ تسلح بكل الأدلة لإقناع الهيئة: صورة التمثال، وتفاصيل نقل الراقصة: بواسطة قاطرة تابعة لشركة نفط أجنبية عاملة في اليمن، وزودها باسم المشتري اليمني (باسلام علي أحمد باسلام) والوسيط (محمود النهمي)، وهذا كان أيضاً وسيطا في عملية بيع الراقصة في المرة الثانية لأجنبي يقيم في اليمن. حينها قررت الهيئة التحرك وقدمت بلاغا للنيابة، وتم التحقيق مع المتهمين باستثناء البقري إذ ما يزال فاراً حتى اللحظة. في الجلسة الثانية من تحقيقات النيابة مع المتهمين ورد اسم مقدم البلاغ باعتباره أحد المشترين الذين عرض عليهم التمثال لكن الصفقة لم تتم لعدم قبوله بالمبلغ المطلوب ثمناً للراقصة. مقدم البلاغ وفق مصادر «النداء» هو مسؤول عسكري سابق، وحين ورد اسمه قدم شكوى إلى النائب العام. الهيئة أيضاً قدمت مذكرة بأن المسؤول العسكري لم يسبق أن باع الهيئة أو أهداها أي قطعة أثرية منذ تأسيسها. لكن مصادر قضائية قالت إن اسم هذا المسؤول يرد في معظم التحقيقات التي تجرى مع متهمين بتجارة وتهريب الآثار باعتباره أحد المشترين. أحالت النيابة ملف قضية الراقصة إلى المحكمة دون الاستفسار عن مصير الآثار التي يقتنيها المسؤول لكونها لم تصل إلى الهيئة. في مايو الماضي قضت محكمة شرق الأمانة بالحبس ثمانية أشهر وغرامة مائة ألف ريال بحق المتهمين بتهريب الراقصة. نفذ الحكم على اثنين، فيما البقري ما يزال فاراً. بالنسبة للهيئة فإن مصير الراقصة اليمنية ما يزال مجهولا، وسبق أن تلقت ردا من السلطات في دولة الإمارات بأن التمثال لا وجود له على أرضها. وقبل 3 أشهر تلقت الهيئة معلومات تفيد بأن الراقصة نقلت إلى لندن، لكن الانتربول الدولي أبلغها أنه لم يعثر عليه هناك. وبحسب مدير عام حماية الآثار، هشام الثور، فإن ملف الراقصة اكتمل العام الماضي، ما يعني أن الانتربول الدولي والمنظمات الدولية ستتعامل مع التعميم بشكل جدي. وأوضح أن الانتربول عمم نشرة لكل المتاحف العالمية والمزادات العلنية بحضر بيع الراقصة. "الثور" بدا متفائلاً وقال: "إذا ظهر التمثال في أي مكان في العالم فمن السهل استرداده".
راقصة يمنية تثير حرباً بين تجار الآثار
2009-07-25