التزام أو حرص ولاة أمر اليمن "الشرعيين أو الذين يعترف بهم المجتمع الدولي"، على ارتداء بدلات أنيقة وربطات عنق (كرافتات) مميزة وساعات ثمينة، خلال لقاءاتهم بمسؤولين عرب أو أجانب، أمر محير للغاية، ولا يشير أبدًا إلى أنهم يشعرون بحال البلاد والعباد الذين يفترض أنهم يتحملون مسؤوليتهم، ويشاطرونهم العناء والظروف الصعبة نتيجة للصراع المستمر على حكم اليمن منذ قرابة عقد من الزمان!
وكأن هؤلاء في أناقة ملابسهم يعيشون في عالمهم الخاص أو أبراجهم العاجية، أو أنهم يتحملون مسؤولية دولة غنية مستقرة يعيش شعبها في رخاء وأمن وسلام!
فقد تابعنا جميعًا، خلال الأسابيع الماضية، زيارات الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، إلى أوروبا، وهو يرتدي أفخم البدلات وربطات العنق المميزة، وفي الوقت نفسه يتحدث عن معاناة اليمنيين، كأنه يتحدث عن شعب شقيق أو صديق!
رئيس الحكومة معين عبدالملك يصافح مندوب مجلس التعاون الخليجي لدى اليمن خلال لقاء في جنيف (شبكات تواصل)
وتابعنا أيضًا، خلال الأيام الماضية، وهذا الأسبوع، زيارة رئيس مجلس الوزراء (المعترف به دوليًا أيضًا) معين عبدالملك، إلى دولة الإمارات، للمشاركة في مؤتمر دولي استضافته الدولة، ثم زيارته إلى جنيف لحضور مؤتمر المانحين، أملًا في دعم خطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام، وهو أيضًا بكامل أناقته، مرتديًا أحدث البدلات وربطات العنق، وكأنه ذهب إلى المؤتمر ليعلن التزام حكومته الشقيقة بتقديم دعم مالي سخي لليمن، وليس لعرض حال اليمنيين التعيس والمأساة الإنسانية التي يعانون منها بشهادة المنظمات الدولية الإنسانية!
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال مُلِح حول ما إذا كان ولاة أمر اليمن "الشرعيون" يدركون حقيقة الأزمة الإنسانية في بلادهم، وما إذا كانوا يتابعون كيف يتصرف قادة الدول التي تعاني من الأزمات والحروب، كما يفعل -على سبيل المثال لا الحصر- رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلنسكي -الشهير بأناقته- الذي امتنع عن ارتداء بدلاته الفاخرة وربطات العنق المميزة منذ اندلاع الحرب في بلاده، مكتفيًا بفنيلته وملابسه العادية، حتى وهو يلتقي برؤساء وقادة أغنى دول العالم، ويناشدهم دعم معركته!