ماذا يعني وجود كائن حي جديد على هذة البسيطة وفي هذة الرقعة التاريخية المهترئة الملعونة من جزيرة العرب التي يتغنى بها اهلها كببغاء الباركيت الأخضر " نحن أصل العررررب، نحن أصل العررررب".
ها أنا ذا أسمع صراخاً، ضحكات، بكاء، وسباباً من العيار الثقيل وجميعها تنطلق من افواهٍ لم تتجاوز العاشرة من العمر.
أحدهم يغني بصوته النشاز "يا ليالي يا ليالي قالوا ان الحب حالي" في هذه الساعة انها الآن ما بعد الخامسة مساءً..
في الحقيقة؛ إنني أسمع صياحهم على مدار اليوم وحتى ما بعد منتصف الليل تنقطع الكهرباء فيخرجون كالجراد المهاجر المزعج الذي يبحث عن مزراع خضراء ليحولها إلى أرض أرض قاحلة..
لا أدري هل هناك معايير خروج تلك الكائنات للشوارع والأزقة والحارات المليئة بالنفايات والأتربة المثارة والسيارات المسرعة التي يقودها سائق خديه كقنابل مؤقتة إذا ما تحدث سيتطاير وينتثر منهما أشلاء خضراء هنا وهناك.
تارة اشاهد طفلة تحمل رضيع وحولها طفل، طفلين، ثلاثة اربعة....
ذلك الذي بعمر السنتين يسيل مخاطه على فمه والذباب يفترش وجهه ومؤخرتة العارية النحيلة الملطخة ببقايا فضلاته، يلعب بالتراب ويصنع منه كومات صغيرة ثم يحطمها بقدميه العاريتين، ليحتج على ابيه وامه تباً للتسع الثواني، اللعنه على تلك النشوة..
عصر الأمس تجمعت بعض الصغيرات ليرددن "بالروح بالدم نفديك يا وطن"، فتحت نافذة غرفتي وصرخت: "اصصصه" وتلقين مني لعنه لطيفة ثم أخبرتهن لا ترددن أي كلام.. لا ترددن شعارات الكبار دون أن تفهمنَّ ماهية الوطن، بل لا تحفظن الدروس في المدارس، في المساجد دون أن تفهمن كل شيء؛ بل يتوجب أن تطلبن من المعلمة أو الشيخة وممكن تطلبي من ألبابه أو إلمامه شرح ومعنى كل كلمة، في كتب الوطنية والدين والتاريخ.. لا ترتكبن أخطاءنا، بل جميعكم لا ترتكبوا اخطاءنا لا تمشوا على نفس نهجنا فنحن أضعنا وطناً كان ضائعاً بسبب تلك الشعارات الزائفة.
ثم هل تعرفن قيمتكن في هذا المجتمع الممتهن لكرامة الأنسان كائناً من كان، ماعدا ذوي السلطة والأموال.
نعم لقد جمعتهن واخبرتهن بكل ذلك ورأيت ملامح الاستغراب والوجوم والأعجاب والبعض قُلن لي لقد طلبت من المعلمة أن تشرح لي ما لا افهمه فأجابتني لأنك بليدة كوني ذاكري في البيت.
حقيقة الأمر؛ كل ذلك دار في راسي في أجزاء من الثانية.. - كم أنت عجيب ايه العقل-!
نعم، فأردفتُ قائلة:
غدًا سأحدثكن عن الوطن ثم عن كفاح النساء في مجتمع لا يؤمن بكيانها أو حقها في الحياة ولا ينظر لها كإنسان أساساً.