لم يتمكن الشاب عبداللطيف محمد (21 عامًا) من الالتحاق بالدراسة الجامعية هذا العام، بعد أن عجز والده عن تحمل نفقات تنقله للدراسة إلى كلية التربية بعدن، بسبب دخله المحدود الذي لا يتجاوز 60 ألف ريال كراتب تقاعدي لدى التربية والتعليم منذ 15 عامًا.
وأشار محمد إلى أنه في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، وشحة راتب والده، حاول البحث عن عمل، لكن لم يحصل عليه بعد، كما حاول الالتحاق بالتجنيد العسكري، ولم يوفق بأمل أن يوفر مصروفات ونفقات التعليم الجامعي، لذا اضطر للتوقف، متمنيًا أن يجد فرصة تساعده في تحقيق حلمه في التعليم الجامعي.
وتسبب غلاء المشتقات النفطية في ارتفاع أسعار المواصلات بين مديريات عدن، وهو ما انعكس سلبًا على تراجع حدة الإقبال على كليات جامعة عدن، في السنوات الأخيرة، وهو الأمر الذي دفع بعض الأقسام في الجامعة لإغلاق بعض التخصصات لعدم الالتحاق بتلك التخصصات.
وتضاعفت معدلات الفقر في اليمن خلال سنوات الحرب التي تكاد تكمل عامها الثامن على التوالي، إذ بلغت نسبة الفقر في آخر إحصائية نشرتها الأمم المتحدة، 80%، محذّرة من أنّ استمرار الصراع حتى 2030 ينذر بكارثة إنسانية كبيرة، حيث ستتحول اليمن إلى بؤرة صراع ومعاناة ممتدة.
دور الحكومة سلبي
في السياق ذاته، أبدى عبدالباسط العسطلي، الذي توقف عن العمل التطوعي في كلية المجتمع بلحج، بسبب عدم مقدرته على دفع المواصلات، استياءه من عدم القدرة على ضبط تغول هذا الغلاء القاتل للسكان في عدن، وعدم مقدرة الحكومة والسلطات على التخفيف منه، غير تنفيذ الحملات التي لا جدوى منها، ولم يلمسها المواطن.
وتابع العسطلي: وصل اليوم سعر الكيس الدقيق 40 ألف ريال، والسكر 50 ألفًا، ولم يعد الناس يفكرون بالكماليات، بل أصبحوا عاجزين عن توفير الأساسيات، وربما تصبح المدينة على مجاعة، وتتفشى فيها الجريمة بسبب الفقر والبطالة والمجاعة.
ومضى بالقول: إن المسؤولية مشتركة تتحملها الحكومة في المقام الأول، وسلطات المدينة، والذين تغاضوا عن فتح صرافات دون حسيب ولا رقيب، وظل التلاعب في السوق السوداء حتى أوصلت العملة إلى الحضيض، في ظل عدم الرقابة الحقيقية والمستمرة على عمل الصرافات والتجار، وبسبب ذلك أصبح المواطن هو الضحية جراء غياب المسؤولية والتداعيات لانهيار العملة على الحياة المعيشية للمواطن.
ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن ملايين اليمنيين يعانون تداعيات العنف والأزمة الاقتصادية وتعطل الخدمات العامة، ويشير في تقرير حديث، إلى أن الاحتياجات الإنسانية في اليمن ستظل مرتفعة خلال العام 2023، حيث سيحتاج ما يقارب 21.6 مليون شخص إلى توفير المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية لهم أثناء العام الحالي. وأضاف أن أكثر من 80% من سكان البلاد يكافحون للحصول على الغذاء ومياه الشرب والخدمات الصحية الكافية، في حين أن ما يقرب من 90% من السكان لا يحصلون على الكهرباء التي توفرها الحكومة.
من جانبه، دعا علي حسن، بائع في محل تجزئة وجملة، الحكومة إلى ضبط سعر العملة قبل تحميل التجار المسؤولية في ما يجري من ارتفاع الأسعار، مضيفًا أن التاجر يشتري بضاعته من الخارج بعملة صعبة، ويبحث عن الفائدة.
وتابع حسن حديثه: ليس كل تاجر جشعًا، فهناك من التجار من أقفل محاله في بداية الأزمة لرفض هذا الواقع، لكن لم تكن هناك حلول حقيقية، ويضطر مكرهًا على البيع بهذا السعر الذي يكون أحيانًا غير مجدٍ بسبب لعبة الصرف اليومية.
العملة خلف ارتفاع الأسعار
وأوضح فضل صويلح، مدير عام تشجيع المنافسة وحماية المستهلك بديوان عام وزارة الصناعة والتجارة، أن الإشكالية في الأسعار ترجع لعدم استقرار العملة على سعر معين، وهذه الزاوية لا تتحملها الوزارة التي قال إنها منذ بداية الأزمة تلعب دورًا كبيرًا في توفير المواد الأساسية للمستهلك، ولاسيما مادة القمح في ظل الأزمة الأوكرانية الروسية، وإيقاف تصدير القمح في هذه الدول، لافتًا إلى أن الوزارة من خلال زيارة نائب الوزير مؤخرًا إلى الهند، نجح في إعفاء اليمن من عدم تصدير القمح إليها، ولقاء قيادة الوزارة مع سفراء الاتحاد الأوروبي وأستراليا وبولندا، فالمهم للوزارة في الفترة الحالية ليس السعر، وإنما هو توفر المخزون الاستراتيجي، بخاصة وأن الوزارة تعتمد على القطاع الخاص، وليس لها المقدرة على الاستيراد أو فرض السعر الذي يخضع للعرض والطلب ووفق آلية السوق.
وقال صويلح إن الوزارة تمارس دورها الرقابي من خلال فرض آلية على التجار عن طريق رفع لائحة الأسعار على بوابات المحال التجارية تحت رقابة الوزارة، والتاجر الذي لا يلتزم بهذه الآلية يحال لنيابة الصناعة والتجارة الموجودة داخل الديوان، حيث تمت إحالة الكثير من التجار وفرض غرامات مالية عليهم.
وأكد تقرير صادر عن قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط، أن زيادة أسعار الغذاء والطاقة تلحق ضررًا كبيرًا بفقراء اليمن، مما يؤدي إلى تأثر ما يزيد عن 24 مليون يمني بأزمات غذائية في بلد يستورد 99% من القمح، 100% من الأرز والسكر، و70% من منتجات الألبان.
وبحسب توقعات صندوق النقد الدولي، فقد انكمش الاقتصاد اليمني بنسبة 8.5% عام2020، وانخفضت حدة الانكماش إلى 0.2% عام 2021، فيما كانت تشير التوقعات إلى تحقيق معدل نمو 3% في العام المنصرم.