صنعاء 19C امطار خفيفة

مبادرة مشروع إيجاد إطار تشريعي يضمن حرية التعبير في اليمن

2008-02-07
مبادرة مشروع إيجاد إطار تشريعي يضمن حرية التعبير في اليمن
عبدالباري طاهر

عبدالباري طاهر

مبادرة مشروع إيجاد إطار تشريعي يضمن حرية التعبير في اليمن - عبدالباري طاهر
حرية الرأي والتعبير حق من حقوق الإنسان الأساسية التي لا تقوم قائمة أي نظام ديمقراطي بدونه، حيث يعني تمتع الأشخاص بالحق في اعتناق الآراء والأفكار والتوجهات التي يريدونها، دون تعرضهم لأي ضغط أو إكراه، فضلاً عن لقدرتهم علي التعبير عن هذه الأفكار والتوجهات، باستخدام شتى الوسائل. ورغم ذلك ما زال الصحافيون في اليمن يعملون تحت خمسة قوانين للصحافة، تفرض قيوداً مشددة عليهم وعلى المسيرة الإعلامية كاملة، وهو يخالف المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي يؤكد على أن «لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير», وهو الإعلان الذي شاركت في صياغته اليمن ضمن ثماني دول عربية أخرى في 10 ديسمبر 1948.
وعلى الرغم من الحراك الحقوقي وحركات التغيير الجادة في اليمن, وبعد الوحدة على وجه الخصوص, إلا أن القانون 25 لسنة 90 (قانون الصحافة والمطبوعات) يعتبر مادة ذات طبيعة مزدوجة، على حد وصف الإعلاميين اليمنيين تعبيراً عن المرحلة الانتقالية لدولة الوحدة، أو كصيغة توافقية بين قطبي الوحدة: المؤتمر الشعبي العام، والحزب الاشتراكي.
وفي الوقت الذي رحب الصحفيون بالمواد 3و4و5 و6 من الباب الثاني «مبادئ عامة» أعربوا عن استيائهم من المحظورات وقيود المهنة المنصوص عليها في شروط العمل الصحفي، وكذلك من احتكار وزارة الإعلام للتصريح، بدلاً من وسائل إعلامية «والذي علم وخبر» المعمول بدأ في المحمية عدن في الأربعينيات والخمسينيات وشطِّر في الستينيات. واستناداً على هذا القانون المزدوج، زج بعشرات الصحفيين في السجون أو قدموا في محاكمات خارج إطار القانون العام وقانون الصحافة، علاوة على إغلاق الصحف ودور النشر ولا يتم ذلك استناداً إلى القوانين والنصوص التشريعية، بل تلبية لرغبة الطرف الخصم ومكانته وقوته والذي غالباً ما يكون السلطة.
ومن محظورات النشر كذلك المواد 3،1 والجزائية 104، 105، 106، 107، وحتى المادة 115 ولعل أخطر ما في هذا القانون أنه قد نص في المادة 104 على عدم الإخلال بأي عقوبة أشد في أي قانون آخر يعاقب كل من خالف هذا القانون بغرامة لا تزيد عن 10 آلاف ريال، أو بالحبس لمدة لا تزيد عن سنة واحدة. وهو ما يعني انفتاح القانون الخاص على القوانين العقابية الأخرى, وهناك خمسة قوانين تعاقب الصحفي وتصل العقوبة في بعضها حد الاعدام مثل:
1 - قانون المرافعات.
2 - الإجراءات الجزائية.
3 - العقوبات والجرائم.
4 - قانون الوثائق.
5 - قانون الصحافة والمطبوعات.
وعشرات المواد المجرمة للرأي مثل المادة 105، التي تعطي للمحكمة الحق في إغلاق الصحيفة أو المطبعة أو دار النشر أومحلات تداول المطبوعات والمصنفات الفنية وما في حكمها... وهكذا.
ولا يكتفي القانون بالانفتاح على القوانين العقابية ومحظوراتها المجرمة والجائرة والذي يعني إيقاع أكثر من عقوبة في جريمة واحدة, بل تعطي المادة 106 للقاضي حق توقيع عقوبة تكميلية, ومنها منع مزاولة المهن ذات الطابع الإعلامي والدعائي مثل مهنة الصحافة والطباعة وتداول المطبوعات وتصدير واستيراد وتأجير وبيع الأفلام السينمائية وعروض المصنفات الفنية وغيرها من المهن المنصوص عليها في هذا القانون ولمدة لا تزيد عن سنة.
أما المادة 107 فتجيز الحجز الإداري للمطبوعة والصحيفة، أو منع الإصدار والتداول وفي حال تم الطبع خلافاً لما ينص عليه القانون، فإن رئيس التحرير يعتبر هنا فاعلاً أصلياً اعتماداً على المادة 108، وذلك بقرار من الوزير أو من ينوب عنه خلافاً للقوانين السماوية والأرضية.
وكذلك تنص المادة 109 على معاقبة المستورد والموزع. وجدير بالذكر أن تحالف القضاء والنيابات الصحفية وغياب الكفاءة والنزاهة والاستقلالية في القضاء قد زاد الطين بلة.
ففي ذات الوقت ظلت القضايا المرفوعة من الصحفيين أو ممن تعرضوا لاعتداءات واختطافات، معلقة دون تحقيق قانوني أو إجراءات حكومية عادلة رغم المطالبات المحلية والدولية، ورغم وجود ثلاثة شروط للحريات الصحفية وهي:
- عدم سجن الصحفيين.
- حرية تدفق المعلومات.
- عدم التصريح والاكتفاء بالإبلاغ.
 ولا شك أن عدم وجود وزارة الإعلام وتشريعات إعلامية أو كليهما معياران مهمان في العالم الديمقراطي والحياة الديمقراطية.
الصحفيون والحراك الديمقراطي
في عام 1996 اجتمع الصحفيون في جمعيات عمومية في صنعاء وعدن وتعز وحضرموت لرفض أي قانون جديد يضيق على الحريات أو يضيف قيوداً على قيود القانون المزدوج.
وخرج الصحفيون بست محددات ترفض أي قانون يقيد حرية الصحافة وتشترط شراكة نقابة الصحفيين في تقديم أي مشروع قانون بحسب ما أكد عليه المؤتمر العام الرابع. وقد تم تسليم المحددات الست إلى مجلس الشورى باسم نقابة الصحفيين:
1 - إلغاء أي محظورات تقيد المهنة والاكتفاء فقط بميثاق شرف يقره الصحفيون.
2 - اعتبار القضاء المرجعية الوحيدة في قضايا النشر ومنع حبس الصحفي احتياطياً وعقابياً، ومنع إيقاف الصحيفة والتأكيد على عدم تجاوز العقوبات المالية على الصحفي 50٪_ من راتبه الشهري.
3 - تحويل الإشراف على الاعلام من وزارة الإعلام إلى مجلس أعلى للإعلام يشرف عليه مجلس الشورى ويضم مؤسسات المجتمع المدني من أجل تحويل الصحافة والإعلام إلى إعلام قومي بحيث يكون 51٪_ منه تابع للحكومة و49٪_ توضع للاكتتاب للعاملين في هذه المؤسسات.
4 - التزام قانون الصحافة بالمواثيق الدولية التي وقعتها اليمن ومنها إعلان صنعاء في 1996 لحق الفرد في امتلاك وسائل الإعلام المسموعة والمرئية.
5 - حق الأفراد ومنظمات المجتمع المدني في امتلاك وسائل الإعلام المسموعة والمرئية.
6 - أن يلزم القانون الناشرين ومالكي الصحف والمؤسسات الصحيفة بأن يكون الحد الأدنى لراتب الصحفي 150 دولاراً.
هذا وقد ساند آراء بعض المنظمات الصحفية الدولية، والخبراء الدوليين، بالإضافة إلى الفعاليات الصحفية مثل اللقاءات الموسعة لأعضاء في الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين في مختلف المحافظات اليمنية، وفعاليات منظمات المجتمع المدني مثل ورش العمل الثلاث التي نظمها منتدى الإعلاميات اليمنيات (موف) بجانب تعاون عدد من المؤسسات الشريكة مثل منظمة 19 ArticIe، والملحقية الثقافية في السفارة البريطانية ونقابة الصحفيين، والجمعية العمومية في بعض المحافظات، وكذلك عدد من أعضاء مجلس النواب والشورى والناشطين في منظمات المجتمع المدني وقد عزز موقفهم.
هذا وقد التزمت اليمن أمام صندوق تأهيل للألفية الذي طرح شروطاً محدودة بإصدار تشريعات تحاسب المعتدين على الصحفيين وهي:
1 - رفض أي تشريع للصحافة والاكتفاء بالقانون العام حسب المعايير الدولية لحرية الصحافة. والعمل على صياغة ميثاق شرف تكون النقابة الطرف الرئيسي في صياغته واعداده مع مراعاة الآتي:
- بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
- العهود الدولية والإعلانات العالمية حول الحريات الصحفية وتعدد وسائل الإعلام.
- ضرورة أن تتواءم التشريعات الخاصة مع القانون العام والإعلانات الدولية المنوه إليها.
2 - التأكيد على المحددات التي أقرت الجمعيات العمومية للصحفيين في مؤتمرهم العالم الرابع والتي من أبرزها قانون حرية المعلومات الذي تم الاتفاق عليه في ورشات منتدى الإعلاميات اليمنيات (موف).
- وعليه فإننا كصحفيين ندعو مؤسسات السلطة التشريعية (الشورى والنواب) والسلطة التنفيذية ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية المهتمة بحرية التعبير، إلى مساندة مشروعنا الذي أجمع عليه أغلب الصحفيين من مختلف المحافظات اليمنية وفي عشرات اللقاءات الموثقة لدينا من خلال اللقاءات ومن خلال تضمين المحددات الست المذكورة لأي تشريع متعلق بحرية التعبير في اليمن.

إقرأ أيضاً