الطلاق... أم الرئاسة؟! - منى صفوان
كان هيلاري وبيل كلينتون يتناولان العشاء في أحد المطاعم الأمريكية الفاخرة, أيام تولي بيل لرئاسة أمريكا. وبدا أن هيلاري تعرفت على النادل وتبادلت معه حديثا وديا, وهو ما جعل بيل يسألها عما إن كانت تعرفه, فردت أنه كان زميلها أيام الدراسة وأنهما كانا على وشك الزواج. فابتسم كلينتون ابتسامة رجل واثق وقال: من الجيد أنك لم تتزوجيه، لأنك لو فعلت لكنت الآن زوجة نادل. فردت هي بهدوء: "لو كنت قد تزوجته لكان قد أصبح الآن رئيس الولايات المتحدة الامريكية".
من يصنع من؟!
يقال إن هذه السيدة التي أوصلت زوجها إلى البيت الأبيض لم تنس أبدا قصته مع مونيكا. غير أن دعمها لزوجها وقتها كان لأغراض سياسية لتجعل من نفسها أول رئيسة لأمريكا، وهو ما تحاوله الآن. ويقال أيضا إنه في حال فشل عودتها للبيت الأبيض, فإن أول ما ستفعله هو استعادة قرار قديم بترك بيل كلينتون والطلاق منه والثأر لنفسها, وهو القرار الذي استطاعت "الزوجة" أن تكتمه وتكتم مشاعر المرأة المغدورة وتؤجل قرارها من أجل مصالحة "السيدة السياسية الطموحة". فهي لن تستطيع صعود البيت الأبيض بلقب مطلقة, وقد تحملت نزوات بيل من أجل هذا الهدف النبيل. أما إن كانت لن تصل لهدفها فلماذا تضطر لتحمل بيل أكثر الذي يبدو أنه لم يقلع عن عاداته السخيفة، ولذا تقول عنه: "إنه كلب عنيد ليس من السهل إبقاؤه داخل المنزلـ".
وهيلاري ليست هي السيدة الأولى الوحيدة ذات الطموح السياسي المخيف, فسيسيليا ساركوزي التي حصلت على الطلاق من زوجها الرئيس الفرنسي مؤخرا كانت تنوي دخول الانتخابات الفرنسية الرئاسية الأخيرة وتمنت أن تحصل هي على ترشيح حزبها لتصبح أول رئيسة فرنسية، غير أن زوجها المخلص المنتمي للحزب ذاته حصل هو على ترشيح الحزب بدلا منها, ودخل الانتخابات التي فاز بها لذا لم تكن الزوجة الوفية بجانب زوجها لحظة إعلان نتيجة فوزه, وتحملت الظهور معه في حملته الانتخابية فقط لمصلحة أيضا سياسية. فساركوزي مثل هيلاري لا يستطيع الوصول إلى الاليزيه بلقب مطلق, فالواجهة الاجتماعية مهمة, لذا سوى الأمر مع سيسيليا التي حصلت على الطلاق منه بعيد توليه الرئاسة وانتهاء المهمة. ولا نستبعد ان تكون سيسيليا الآن لا تزال مهتمة بطموحها الرئاسي،خاصة أنه قد أصبح الآن مسألة شخصية مع ساركوزي البخيل كما وصفته في الكتاب الذي نشرته مؤخرا عنه وفيه جميع فضائحه وعيوبه التي عرفتها. وهو ما يجعله يعمد لتحسين سمعته وإنقاذ شعبيته المتراجعة بالزواج من صديقته الإيطالية الشهر القادم ليضمن على الأقل اصطحابها إلى دول عربية وإسلامية دون أن يثور البرلمان المصري لتواجدهما في الأقصر, وترفض السعودية استقبالها لأسباب شرعية.
زوجات صالحات
ظريفة حكايات السياسيين العاطفية برغم عنجهيتهم السياسية أحيانا. غير أن هذا الظرف لا يصل إلى غرف نوم زعمائنا العرب الذين لم نعد نعرف عنهم شيئا ظريفا.
ليس فقط لأن كثيرا من زوجات السياسيين يفضلن البقاء في الظل كزوجات طائعات, على عكس الأوروبيات المنافسات والمقلقات لراحة أزواجهن، ولكن لأن ظهور السيدات العربيات الأوائل ليس بذاك البريق, فبهوت أداورهن السياسية يأتي لكونهن يقدمن أنفسهن كظل للرئيس أو الملوك, فهن بثوب السياسة يقمن بدور الزوجة بإتقان. ونادرا ما تكون السيدة العربية الأولى منافسة لزوجها. وهو اللقب الذي عرفه الشارع العربي في السبعينيات.
فقد كانت جيهان السادات أول من سمحت لزوجة السياسي أن تشاركه الظهور السياسي وتصبح سيدة المجتمع الأولى. وهو تقليد لم تبدعه إلا هي، ربما لكون والدتها انجليزية, على عكس "تحية ناصر" التي لم يكن أحد يعلم عنها شيئا وكانت تهتم بسد فراغ جمال عبد لناصر في البيت.
إن نموذج الزوجة الشرقية لا يتوافق ونموذج السياسية الطموحة اللاهثة وراء السلطة والأضواء والثروة. اليوم أصبح لدينا الكثير من سيدات المجتمع الأوائل من سوزان مبارك إلى الملكة رانيا وأسماء الأسد الهادئة, وليلى العابدين ذات النفوذ والتأثير القوي جدا في تونس والذي ترجم نفسه لوضع اجتماعي وقانوني وسياسي قوي للتونسيات المحسودات عليه. يقال أحيانا إن السيدة الأولى قد تكون هي الحاكم الفعلي, فهل لا يستحق ذلك التنازل ولو مؤقتا عن طلب قرار أرعن كالطلاق.
ويني مانديلا تقول: لا. هي لم تتحمل شهرة زوجها ونجاحه السياسي بعد خروجه من المعتقل, لذا ثارت لغيرتها منه وشاركت في تعذيب أحد خصومها السياسيين, وهو ما جعل مانديلا يذهب للمحكمة ليطلب الانفصال عنها. وبحصوله على الطلاق خسرت ويني العمل السياسي والشهرة والأضواء وربما مانديلا.
رفض الزوجات البقاء في الظل, يجعلهن أحيانا كثيرة يبالغن في الظهور, فصور بعض الملكات وزوجات الرؤساء تكاد تنافس صور الفنانات في المجلات الفنيه, وصور أزواجهن الزعماء في الشوارع.
وعادة ما يكون للسيدة الأولى العربية دور اجتماعي خيري تغطي به نقص الاهتمام الذي يجب أن يوليه الرئيس لقطاع بعينه كالنساء والأطفال والشباب والعجزة وذوي الاحتياجات الخاصة والشباب, لذا تنشط السيدات الأوائل من خلال جمعيات اجتماعية خيرية ويظهرن بعيدات عن رسم الخارطة السياسية, على عكس الأوروبيات اللواتي يشركن أزواجهن كل شيء حتى قيادة البلاد.
وإن كانت اليمن تعيش سياسيا دون سيدة أولى, فإن جمعية الصالح الاجتماعية الخيرية يمكن اعتبارها نموذجا والاجتماعي الخيري, خاصة وأن ابنته "بلقيس" تشرف عليها مباشرة, بعد ظهورها اللافت خلال العامين الماضيين سواء من خلال جمعيتها, أم لكونها حصلت على الرئاسة الفخرية لاتحاد نساء اليمن.
طموح النساء مخيف وقليل ما يستوعبه الرجال، وفي حالة عدم حصولهن على ما ينشدنه فهن يفضلن الانفصال نهائيا عن أزواجهن المرموقين.
وإن كان لقب السيدة الأولى لم يحظ بسمعته السياسية, فإن حضور السيدات العربيات الباهت, سببه ظهورهن كتابعات وليس كسياسيات مستقلات. فالكيان السياسي المستقل يتمتع به الزعماء وحدهم. غير أنه في عالمنا العربي كيان أثقل كاهل الشعوب العربية, والتي عليها تبعا للعصرنة تحمل الزعيم وقرينته لعقود.
لذلك فالمجتمعات المحافظة التي تختفي بها زوجات الزعماء يكون الحمل أخف قليلا.
الطلاق... أم الرئاسة؟!
2008-01-30