صنعاء 19C امطار خفيفة

ما قبل الحدأ وبعد شرعب

2008-01-03
ما قبل الحدأ وبعد شرعب
منصور هائل

منصور هائل

منصور هائل يكتب عن ما قبل الحدأ وبعد شرعب
لا يحضرني اسم الخبير الاجنبي الذي وصف اليمن بقوله إنها ذلك الماضي الذي لا يمكن التنبؤ به، وإن كان وصفه يحرضني بقوة على تصديقه، بدلالة الاحداث والوقائع التي شهدتها البلاد في عام 2007، وارتكست بنا إلى ما قبل القرن السابع عشر، كما حملت في ثناياها وتغضناتها الكثير من الرسائل والاشارات التي تفيد بأن العام 2008 سيرتد بنا إلى ما قبل الاسلام.
وما أقسى أن نذعن لحرماننا من ترف الخوض فيما ابتعد في المابعديات، واتسم بطغيان الماقبل وهو يتبدى ويتجلى بأعرض واغلظ العناوين: القبيلة. في هذا المنحى لن أتكهن بيمن ما بعد قبائل الحدأ وشرعب، لأن الامر يستوجب الغياب في الإياب إلى ما قبل القرن السابع عشر وعهد الإمامة القاسمية التي ارتكزت هيمنتها على تفسيق وتكفير المخالفين سياسياً واستباحة دمائهم واراضيهم، واعتمدت على قبائل بكيل وحاشد كأذرع طولى في حروب الضم والالحاق، واجبرت القبائل الاخرى على الانحناء، وكانت الحدا في الصدارة حينما استجابت لفطرتها البدوية وتحولت من الشافعية إلى الزيدية وصارت من الادوات الضارية لفرض الجزية ونهب واستباحة أراضي الشوافع في «اليمن الاسفل» (الاكليل مارس 2006).
وأعتقد أن وقت القارئ لا يتسع للإستغراق في صفحات المستقبل القادم من دهاليز أئمة آل القاسم عندما اعتمدوا على قبائل الحدا -مثلاً- الحديثة العهد بالمذهب الزيدي كيدٍ طولى لنهب بلاد «اليمن الاسفل»، وأنس وما حواليها، ثم يافع وحضرموت، إلى أن ارتبط الاستيلاء على أكثر الاراضي والاموال نهباً وغصباً بالحدا- حسب المصدر السابق.
ويشير بعض المؤرخين إلى أن الحدا تحولت، بفعل الاستقواء، إلى حزب محارب تابع للإمام، وكانت من العلامات الفارقة المجسدة لعمق ارتباط المؤسسة الامامية بالمؤسسة القبلية.
المعلوم أن ذلك الحال أفضى إلى «الخروج» أو «الثورة» إن شئتم. وقد سقطت تجربة وحدة الضم والالحاق الامامية القاسمية وسقطت معها أوراق الرهان على المحاربين الناهبين ومعهم الاسر المتنفذة المتنازعة على السلطة والثروة و«النظام» المؤزر بفتوى هدر الدماء واستباحة ممتلكات «الرعية».
كان ذلك في القرن السابع عشر وليس في العام 2007. وبما أن الزمن لا يكشف عن قدميه بسهولة، فإني لا أستطيع القول إن العام 2008 يساورني بأشياء لا تستحق الندم وآفاق لا يمكن أن تشعل المزيد من الحرائق في الرأس.
ولن أتكهن بانتفاضة ولا ثورة ولا دولة نظام وقانون ولا صوملة، لأني من نزلاء سجن الاذعان لقيادة قطيع ماضوي يختزل الوجود في سلطة الأب، الشيخ، القبيلة، الواحد، وتحول دون اقترابنا من أسس الاجتماع السياسي المدني والعقد القائم على المواطنة والاختلاف.
ولست بصدد إفشاء هواجسي ووساوسي وتطيراتي وعبثي وهذياني وزلات لساني بكتابة ما سيأتي، لاعتقادي بأن دولة (العكفي) خنقت نفسها خلال نصف قرن، بابتلاع ما عجز (الإمام) عن ابتلاعه خلال ألف عام.
وسأختم بأن مقارنة سؤال ما بعد الحدا وشرعب لن تضعنا أمام سؤال حدث الساعة، وربما كانت تستوجب الاحتراس بالقدر الذي يحول دون الهرولة إلى حلق الساعة.
mansoorhaelMail

إقرأ أيضاً