والحق اني استحق الحرمان من الوحدة المباركة ونعمتها!! - منصور هائل
أكتُبْ عن أي شيء وفي كل شيء ولكن إياك أن تمس بالوحدة وتنجرف مع مشاريع الانفصال، فالوضع جد خطير.
... شكرت صديقي الذي طالما أشعرني بحرصه على حياتي ومستقبلي عندما همسني بالقرصة الآنفة- النصيحة ان شئتم- وقلت: أستطيع طمأنتك بأني سأعمل بموجب قرصتك فلست مؤهلاً للانخراط في مشروع انفصالي كبير ويرجع الفضل في ذلك للوحدة المباركة وعهدها الميمون الذي تكفل ببعثرتي وتبديدي بانفصالات صغيرة، كثيرة، خطيرة ومدمرة.
فبعد اطلالة هذا العهد بفترة وجيزة انفصلت عن العائلة التي يرجع ارتباطي بها إلى العهد الشطري البغيض، ثم انفصلت عن الأهل والأقارب والكثير من الأصدقاء والأحباب لأن تداعيات الوحدة كانت ثقيلة وحالت دون اتصالي بهم خاصة إني لا أتوفر على جرأة مقابلتهم بيد مقطوعة، ولا أستطيع القيام بواجبي تجاه وحدات هذه العائلة الممتدة.
وانفصلت عن عبثية المثل العليا!
... ثم انفصلت عن الذاكرة واعتمدت استراتيجية النسيان لأتدبر العيش، وانفصلت عن الواقع لأ تمتع بالطفو في اللاواقع، وعن الماضي لأستغرق في الحنين إلى المستقبل الذي لن أندم عليه سلفاً ولست أخاف منه حتى أتملقه كأني جبان يتمسح بقادم أقوى ولكني أتصوره- أي المستقبل- شاخصاً أمامي بجاذبية «قمر الجنوب» الذي لم يبارح موضعه.
وطمأنت صاحبي بأني لا أحقد على الوحدة المباركة رغم خبرتي المؤلمة معها من يوم الاعلان عن جمهوريتها في 22 مايو 1990. فبعد أن كنت مديراً لتحرير صحيفة 14 أكتوبر في عدن بدرجة (ق-1) وهي تعادل درجة وكيل وزارة في صنعاء، اصبحت اقل من مدير إدارة، وبعد أن كان راتبي يعادل 750 دولاراً بحسم العلاوات الاخرى صار يعادل 100 دولار خاضعة للاستقطاع العشوائي، وبعد أن كنت ومن معي من المنتقلين إلى صنعاء نشكل نصف قوام الوزارة أصبحت وحيداً مثل يهودي تائه انقطعت صلته بزملائه الاشباح- بقية المنقولين بعدد أصابع اليد- ممن لم يعد بالامكان التقاطهم بالعين المجردة، كما صار من المتعذر لمسهم أو التناهي إلى همسهم.
وكمن ينتظر ذلك الذي لا يأتي أبداً كنت أطالع اسمي في كشف المرتبات وأكتم سروري باحتلال المركز الرابع بين الخمسة الأوائل، بعد الوكيل الأسبق للوزارة الأستاذ محمد مطهر أطال الله عمره، وانقطع السرور المكتوم عندما جاء اليوم الذي انزلق فيه اسمي درجات كثيرة إلى الأسفل، ولم يكن ذلك بسبب استقبال الوزارة لكفاءات عالية التأهيل والخبرة وإنما بفعل حطابي ليل، وكانت دحرجة الاسم إلى الأسفل تتلازم مع صعود أشبال الوحدة إلى مراتب عليا وحصولهم على مرتبات أكبر، وجلهم توظفوا في العهد الميمون.
يبدو أنهم أسقطوا خدمتي السابقة على ذمة التشطير والانفصال.
وبالعودة الى محنة المنقولين فإن المدير المنتقل من عدن إلى صنعاء يحصل على 3000 إلى 3500 ربال كبدل سكن فيما يعامل المنتقل من صنعاء إلى عدن كخبير- يلقبونه بمستر جون- ويحصل على أي مبلغ بالتوافق مع صاحب العقار، ويصل بدل سكنه إلى ضعف مرتب المنتقل من عدن إلى صنعاء. كما أنه بميسوره امتلاك شقة من حق الدولة، أمَّا الحصول على قطعة ارض تابعة للدولة فإنه يندرج في عداد النوافل والتوابل التي يحصل عليها الخبير- التفاصيل في عدد قادم.
إني لا أكره الوحدة ولكني أمقت أن تمارس باسمها أقسى وأعنف أشكال التمييز التي يستنكرها ويدينها الدستور والقوانين والمواثيق الدولية لحقوق الانسان واتفاقية مناهضة التمييز.
وبما إني غير مؤهل لمشروع انفصالي كبير فإن ذلك لا يعني بالضرورة اني سأعض بالنواجذ على وحدة أضرت بمصالحي ودمرت حياتي ولم أتقدم معها وبها إلا بقفزة بهلوانية عالية إلى ذرى الهرم، وحرمت من التدرج في النضج والانتقال إلى كهولة محفوفة بالوقار، وصولاً إلى هرم يتوهج بالحكمة ويقطر بحكايا وذكريات المسّرات.
وكأنها (الهة المحق). هذه الوحدة الفورية التي احيطت بالقداسة واعتنقت كـ«ايديولوجيا» وعقيدة.
< نسخه مع التحية لوزير تحسين الجور.
mansoorhaelMail
والحق اني استحق الحرمان من الوحدة المباركة ونعمتها!!
2007-10-08