صنعاء 19C امطار خفيفة

الحديدة... صورة الرئيس

2007-07-05
الحديدة... صورة الرئيس
الحديدة...صورة الرئيس - أحمد القرشي
ثلاثية لافتة للنظر منذ أول وهلة: البؤس، التسول، وصور الرئيس.
أهلا بك في “أرملة” البحر الأحمر!!
 تخطفك مشاهد المتسولين من أول جولة مرور على مداخل المدينة النظيفة.
لمسات السلطة المحلية في الحديدة أهملت الإنسان مشكورة، واتجهت لتشييد الأرصفة والطرق الدائرية وطلاء واجهات المحلات التجارية. مش مشكلة!!
مشكورة السلطة المحلية، فقد ضاعفت قيمة الأراضي، المسطو على أغلبها من متنفذين ومسؤولين وقيادات عسكرية وأمنية وخدمات سياحة لم تستطع توفير فرص عمل ل2% من أبناء الحديدة.
نساء وأطفال مسنون وعجزة ومقعدون وذوو عاهات ظاهرة وباطنة لا يبالون بالحر الخانق الذي يعلكهم، وكثير منهم حفاة، يناضلون من أجل البقاء في ظل أوضاع لا تسر عدواً.
صحيح أن التسول ظاهرة وطنية، لكن الإنصاف يقول إن الحديدة تستأثر بنصيب الأسد كعاصمة لواحدة من أكثر المحافظات بطالة، وسكانها الأقل في الوظائف الحكومية، ناهيك عن أن الكثير من الدرجات الوظيفية المحسوبة عليها يشغلها مواطنون من محافظات أخرى. ما في مشكلة!
تحس وأنت في شوارع الحديدة بأن عجلة الزمن عادت بك إلى 19 سبتمبر 2006؛ فما زالت شعارات الحب والوفاء والتمجيد الزائف لموحد اليمن وباني نهضته الحديثة وصمام أمانه، تستنهض همم الناخبين حتى اليوم.
تخيلت وأنا أشاهد الكثرة غير المعقولة من صور الرئيس أن “بن شملان” سيخرج من السلخانة والرئيس من حارة غليل، ويحطوا راس براس, راجل لراجل، في أي زُغْط من أزغاط الحديدة على شان يثبتوا للحديديين أنهم ما زالوا كلهم شباب وقادرين على الحكم.
“بك بدأنا وبك ننتهي”، “أنت خيارنا”، “إخترناك”... عبارات تخنقك روائح النفاق السياسي منها، ولا تحس فيها بأي صدق مقارنة بحال المواطنين هنا.
كثرة الصور والمتسولين والفقراء, تؤكد أن الوضع غير طبيعي, وأن أزمة داخلية طاحنة دفعت بمئات الملايين من الريالات لتصلب على واجهات الشوارع ويصلب البؤساء إلى جانبها طمعاً في ما تجود به نفوس المحسنين.
يا سيادة الرئيس، دعني أصدقك القول، إن هستيريا الصور محاولة مكشوفة من المسؤولين هنا لمغالطتك، فهي لا تعبر عن حب ولا يمكنها أن تمنحك مساحة في قلوب يملأها هم الخبزة الحافية.
جنون الصور ليس سوى مؤامرة هدفها خداعك ورفع منسوب كراهية الناس لك في ظل تردي الأوضاع المعيشية وازدياد البطالة وسقوط الكثير من الوعود الانتخابية لعدم القدرة على الوفاء بها، وأنصحكم بنزعها.
لقد أصبت بالقرف من كثرة الصور وطريقة عرضها بتلك الأشكال المستفزة رغم أنني في سيارة فخمة مكيفة (لأحد الزملاء طبعاً) وكنت أفكر بمن يراها وهو حافي القدمين لا يجد قيمة الغداء!!
لو أن السلطة المحلية وفرت قيمة تلك  الصور ثم باعت المساحات الإعلانية التي تحتلها في الجولات والشوارع والأزقة للشركات التجارية لكفت مئات الأسر المحرومة ولوفرت مئات فرص العمل ولكفلت الكثير من الأيتام والأرامل.
أنا ما زلت ضد التناولات الساخرة من الرئيس، فهو في النهاية مواطن يمني مصون العرض والمال والدم بموجب الدستور والقانون. ولكنها نصيحة.
Hide Mail

إقرأ أيضاً