ليلة أمس الأحد الموافق السابع عشر من شهر نوفمبر الحالي، كانت العاصمة السعودية الرياض، تحديدًا مركز الملك فهد الثقافي، على موعد مع إحدى لياليها الجميلة، وذلك من خلال تلك السهرة الماتعة التي أحياها المايسترو الشاب محمد القحوم وفرقته الفنية الأوركسترالية.
وهذه الحفلة تعد الأميز والأروع بل الاستثنائية عن جميع الحفلات التي سبقتها لهذا الشاب الشغوف والمثابر في الارتقاء بفنه صعودًا.
فكل حفلاته السابقة من كوالالمبور بماليزيا إلى باريس والقاهرة والكويت، كانت بحق نجاحات كبيرة، وكل هذه النجاحات لم تأتِ بالصدفة كما قد يظن البعض، بل إنها أتت بالإخلاص والاجتهاد من قبل أخينا أبي سالم، في انتقاء درر ومفاتن الغناء اليمني الغني بالتنوع والزاخر بالكم الهائل من روائعه الفنية، فكان محمد خير من ينقله بموسيقى حديثة ومتطورة إلى مساحات واسعة، حتى يتسنى لعشاق الفنون والموسيقى في كل مكان متابعتها عن قرب، بعدما طالتها أيادي التطوير والحداثة، مما جعل هؤلاء في انتظار دائم ومتواصل لما يأتي من جديد هذا المبدع التريمي الحضرمي.
وجب علينا قول كلمة حق، فلهذا الشاب -أي محمد القحوم- فضل كبير يشكر عليه، في إحداث نقلات كبيرة للفنون اليمنية، وفي آفاق هي الأخرى كبيرة، فمن غيره طار بهذه الفنون إلى تلكم العواصم البعيدة كباريس وكوالالمبور!
آخر حفلاته، وهي حفلة الأمس، أي حفلة الرياض، لها من الأهمية الشيء الكثير، وكذلك لها من الخصوصية ما لا يعد ولا يحصى، فالرياض حاليًا مركز التقاء الفنون، وهي من تحظى باهتمام كبير من حكام المملكة كواحدة من العواصم الفنية.
أيضًا لا ننسى ما سبق هذه الحفلة بفترة، وهو الإعلان المبكر عن موعدها، وهذا يدل دلالة واضحة على أهمية وقيمة هذه الحفلة.
فنجزم القول بأن الكثير من خارج المملكة شدوا الرحال صوب الرياض لحضور هذه الحفلة، وإمتاع أنفسهم بما لذ وطاب من إبداعات ابن الغنّاء تريم الشاب محمد القحوم.
وبما أن الفنون والموسيقى منذ القدم هي التي تجمع الشعوب على مختلف لغاتهم، فما يقدمه محمد القحوم من فنون وموسيقى هي من وجهة نظرنا خير من يقرب بين الشعوب برغم الاختلاف الحاصل في لغاتهم.
الفنون والموسيقى دائمًا ما يكون ممارسوها والمشتغلون بها أكثر شهرة وأكثر شعبية في أماكن كثيرة، وهم دومًا المشاهير.
تألم وحسرة
نحن عشاق الفنون والموسيقى ومحبي إبداعات المايسترو محمد القحوم في هذا الوطن المنحوس بما ابتلانا الله بهؤلاء الأصناف المسمين مجازًا حكامًا، لو كنا بوضع مهيأ ذهنيًا واقتصاديًا، بل أفضل مما نحن فيه، لذهبنا للرياض، وكنا السباقين في الحضور لنستمتع بإبداعات القحوم ومن معه من خيرة العازفين من داخل الوطن ومن خارجه.
لكن كما نرى أنفسنا ويرانا الناس من حولنا، فيادوبك الشاطر فينا من اجتهد اجتهاد الوحوش في توفير لقمة له ولأولاده المنتظرين هذه اللقمة انتظارًا لا يوصف.
وبالتوفيق عزيزي أبا سالم في قادم أعمالك.