صنعاء 19C امطار خفيفة

مناقشة مقال الأستاذ حسين الوادعي الموسوم بــ:

"في الإجابة على سؤال المقاومة ؟ أستعادة الأبعاد الموضوعية والإخلاقية لفكرة تكاد تفقد معناها!

لكي لا يذهب القارئ بأن الكاتب ألأخ "حسين الوادعي" ضدا على المقاومة فقد استهل مقاله بالقول ان "المقاومة حق اصيل لكل مضطهد أو مقهور ، ولا احد يماري في ذلك أو يجادل إلا لو كان مختل العقل أو معطوب الضمير".

 
إذا فالكاتب مع المقاومة بكل أبعادها الموضوعية والأخلاقية ولكن حسب الكاتب إن فكر المقاومة يتطلب تفكيكًا دقيقًا للأبعاد المختلفة التي تحيط به. كما يجب أن نفهم أن المقاومة ليست مجرد رد فعل عاطفي أو قرار عشوائي، بل هي عملية معقدة تستند إلى أسس موضوعية وأخلاقية.لخصها في :
- الحق في المقاومة
- القدرة على المقاومة
- أسلوب المقاومة 
- قيادة ومسؤلية المقاومة

 

 اولا : مناقشة حق المقاومة:

 
ثم قام بشرح كل بعد من الأبعاد الاربعة ، واكد على أن حق مقاومة المحتل أو المستبد هو حق ثابت لا يمكن سلبه. هذا الحق ينطبق على الفلسطينيين في مقاومتهم للاحتلال الإسرائيلي، ويجب أن يتم ذلك بإنتهاج اسلوب مقاومة لا تعطي اي مبرر للمحتل أن يبطش بالمقاومة بكل وحشية وقسوة كما هو جار اليوم، وعلى المقاوم ان يدرس نتائج كل فعل مقاوم بمراعاة للقانون الدولي والمواثيق الإنسانية.
 القدرة على المقاومة.
 
 فمن الثابت أن طوفان الأقصى هدف إلى اسر اكبر عدد ممكن من المستوطنين بغرض مقايضتهم بأسرى فلسطينيين ، كما في صفقة جلعاد شاليط حيث تم اطلاق سراح 1027 معتقلا من بينهم 280 معتقلا حكم عليهم بالسجن مدى الحياة.
 
لكن حماس في تبادل الاسرى بعد طوفان الاقصى كانت مخيبة للأمال فقد افرجت حماس عن 117 اسيرا اسرائيليا مقابل 105 معتقلين تم اعتقالهم بعد طوفان الاقصى اي ان الغاية من طوفان الاقصى لم تحقق هدفها بل استمرت حماس متمسكة بما تبقى من اسرى لديها ما اعطى المبرر لها امام المجتمع الدولى ان من حقها مواصلة حربها الظالمة على شعب اعزل.
 

ثانيا: مناقشة البعد الثاني (القدرة على المقاومة):

 
 وفي البعد الثاني، القدرة على المقامة" حيث يؤكد "الوادعي" على ان من الواجب ان القدرة على المقاومة تميز بين الحق والقدرة الفعلية على تحقيق الأهداف. إذ قد يمتلك المضطهد الحق في المقاومة، لكن يجب دراسة هذه القدرة بما يحقق التحرير لان عدم توفر القدرة على ذلك قد يهدد سلامة المقاوم ويضر بقضيته.
 
والتأريخ يؤكد أن اسرائيل تراهن على الغباء العربي فقبل عام 1948م كان الفلسطينيون مسيطرون على ثلاثة ارباع الأرض وبعد حرب 1948م احتلت اسرائيل معظم الاراضي الفلسطينية عدى (الضفة الغربية) شرقي الاردن التي الحقت لإدارة المملكة الاردتية ، وكذلك (قطاع غزة) الذي اخضع للإدارة العسكرية المصرية. وفي حرب 1967م خسرت القضية الفلسطينية، واحتلت اسرائيل شبه جزيرة وقطاع غزة والضفة الفربية والقدس الشرقية ومعظم مرتفعات الجولان بالإضافة إلى اراضي فلسطينية ا احتلته وفي حرب 1973م ، نتج عنها المطالبة بحدود عام 1967م فاسترداد مصر للسيادة الكاملة على قناة السويس واسترداد جميع اراضي شبه جزيرة سيناء واستردت سوريا جزء من مرتفعات الجولان بما فيها القنيطرة ..الخ .
 
وكاتب هذه السطور كان طالبا في جمهورية مصر العربية حيث تم عقد مؤتمر مصري اسرائيلي في فندق مينا هواس بالقاهرة وعمل رئيس وزراء اسرائيل الأسبق مناحيم بيجن مؤتمرا صحفيا ، فلما سأله احد الصحفيين عن المبرر لمطالبة اسرائيل احالة قضية طابا إلى التحكيم الدولي في حين اسرائيل تعرف بأنها مصري؟ فرد بيجن صحيح ما تقول لكن أسرائيل تعلم بان قضية التحكيم ستأخذ فترة طويلة ربما يقوم المصريون بعمل ما يعطينا الحق !
بينما ثورة اطفال الحجارة عام 1987م التي بدأت في جباليا في قطاع غزة ثم انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيمات فلسطين فحققت ما لم تحققه الحروب العنيفة حيث نتج عنها اتفاقية اسلوا بين اسرائيل ومنظمة التحرير ولاول مرة يكون لأسرفئيل دولة معترف بها دوليا.
 

ثالثا : أسلوب المقاومة

 
يذهب المقال إلى أن المقاومة ليست محصورة في العنف أو الصراع المسلح. بل تشمل مجموعة واسعة من الأساليب، بما في ذلك المقاومة السلمية. وبالتالي فإن اختيار الأسلوب يجب أن يتماشى مع القدرات الذاتية والتحالفات المتاحة، بالإضافة إلى قوة العدو.
 

رابعا : البعد الرابع : قيادة المقاومة:

 
 يذهب الكاتب إلى أن قيادة المقاومة ليست مجرد إعلان، بل تتطلب معايير سياسية وأخلاقية. يجب أن تكون القيادة نابعة من مجموعة تمتلك مصداقية وطنية وأخلاقية، وليست مرتهنة لأجندات خارجية أو ممارسات قمعية، وهذا يتطلب من اتخاذ اي قرار مقاوم ان يتم دراسة عواقبه ، وفي حال توقع نتائج سلبية أي ان تزيد من معاناة السكان فإذا ما كان توقعت الدراسة والخطط ان يكون رد فعل الكيان الغاصب بشعا بشاعة ما حدث بعد "طوفان الأقصى" فمن الواجب اتخاذ قرار يحقق ما تصبوا إليه المقاومة بأقل كلفة وبنتائج لصالح المقاومة فإن قيادة المقومة في هذه الحالة قد راعت واجب المسؤلية الملقاة على عاتقها.
 

خامسا : مسؤوليات المقاومة:

 
فالمسؤوليات المرتبطة بالمقاومة حسب المقال تعتبر مهمة جدًا. يجب أن تتحمل الجماعات التي تتصدر المقاومة، خاصة العنيفة، المسؤولية عن أفعالها. فالفصل بين المدنيين والمقاتلين هو أمر ضروري للحفاظ على البعد الأخلاقي للقضية، وعليها أن تعلم بأن اسرائيل كانت ترصد حفر اكثر من خمسة الآف نفق تحت المنشئات المدنية ، وكان الكيان يخطط لجعل تلك الانفاق مبرر لها لهدم ابراج المباني على رؤوس ساكنيها ، متذرعة بأن حماس تترس بالمدنيين وتستخدمهم دروعا بشرية لها ..وكما جاء في المقال أن على المقاومة ان تحمي نفسها محيلة حماية المدنيين على المجتمع الدولي.
 ومما سبق فإن فهم المقاومة يتطلب النظر في هذه الأبعاد المختلفة. الخلط بين هذه الأبعاد أو الجهل بها يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية، مثل ما نشهده اليوم من دمار وفشل في تحقيق الأهداف. يجب أن نبني رؤية تتجاوز العواطف والتعصب، ترتكز على الفهم العميق للحق والقدرة والأسلوب والقيادة والمسؤوليات المرتبطة بالمقاومة.
 
وقد طبق المقال تلك المسؤوليات على مسؤوليات حماس في حماية المدنيين فذهب إلى أن حماس تتحمل مسؤولية كبيرة في حماية المدنيين في غزة، خاصة بعد الأحداث التي وقعت في 7 أكتوبر. فكان حسب المقال من الواجب على حماس أن تضمن توفير الغذاء والماء والدواء للمواطنين، لكنها فشلت في ذلك، مما أدى إلى معاناة السكان. الأسوأ من ذلك، أن بعض قادة حماس اختبأوا في الأنفاق وصرحوا بأن حماية المدنيين ليست مسؤوليتهم، مما يكشف عن فشل القيادة في تحمل مسؤولياتها.
 
وواصل الأستاذ حسين الوادعي تبديد الأوهام حول المقاومة
فدحض وهم انتصار المقاومة وقال بأن المقاومة لا تضمن الانتصار دائمًا، وان ما تعتبره نصره هو هزيمة نكراء . وذكر بان التاريخ مليء بقضايا عادلة فشلت بسبب اختيار أسلوب المقاومة الخاطئ أو قيادة غير وطنية. من الضروري الاعتراف بأن الحق لا ينتصر إلا بامتلاك الأدوات اللازمة لتحقيق ذلك.
وبعد ان دحض وهم الانتصار دحض فعالية المقاومة العنيفة في اغلب الحالات فقال بأن هناك اعتقادا سائدا بأن المقاومة العنيفة هي الطريقة الوحيدة لتحقيق الأهداف، في حين أن الدراسات تظهر أن الأساليب السلمية أكثر نجاحًا في تحقيق الأهداف السياسية. يجب أن نتذكر أن الاختيار بين الأساليب يتوقف على عوامل كثيرة، بما في ذلك فارق القوة.
إذا فما هو الحل؟
فإذا كان السلام قد فشل في تحقيق حلم الدولة، فإن الصراع المسلح لم يحقق شيئًا سوى الموت والدمار. فاذا من واجب قيادة المقاومة يجب ان تعلم بأن الحل يكمن في التمسك بالحل السلمي وتصحيح الأخطاء السابقة. يجب أن نرفض أسلوب العنف الذي لم يحقق أي إنجازات حقيقية.
 
نعم الحل هو استخدام كافة أساليب النضال السلمي، بما في ذلك المقاطعة والتفاوض، والعصيان المدني ومناشدة الضمير الدولي ، وعرض مظلومية الشعب الفلسطيني حتى تكسب التأييد الجماهيري في دول العالم الحر والضغط الدولي، لتحقيق الدولة الفلسطينية على أراضي 1967. وهذا يتطلب توحيد الصف الفلسطيني نحو هدف مشترك.
 
ثم ذهب المقال إلى دحض الأكاذيب وتوضيح الحقائق بأن
المقاومة ليست مجرد دعوة للموت المجاني، بل هي قضية وطنية إنسانية قائمة على احترام حقوق الإنسان وحياته. يجب أن نبتعد عن الشعارات الانفعالية ونركز على الفهم العقلاني لمفهوم المقاومة.
 
في النهاية، لا بد من الإقرار بأن الجرائم ترتكب باسم المقاومة، ويجب علينا أن نكون واعين لهذه الحقائق لنتمكن من بناء مستقبل أفضل. وطالما والانظمة السياسية متواطئة مع الكيان الغاصب فعلى المقاومة ان تعرض قضيتها بالنضال السلمي او بإستخدام اساليب مشروعة قد تكون نتائجها افضل ، وبإختصار فأن اي عمل مقاوم عنفي يقاس بنتائجه فهل حمت حماس مواطني غزة ووفرت لهم الامن والاستقرار بعملية 7 اكتوبر أم ان ما جرى كارثة وفتنة مدعومة امريكيا وتحقيق رغبة مشروع صهيوني قديم في تهجير اكبر عدد من الفلسطينيين واحتلال ارض فلسطين ..!!!
المقال نتفق معه ام نختلف فهو مقال علمي رصين يجب ان يفهم بعيدا عن العواطف الجياشة، والاوهام التي اعطت العدو الذي يراهن على الغباء العربي ما لم يكن يستطيع تحقيقة. وعلينا ان نتعود على سماع الراي الاخر وان نتعلم من اخطائنا وان نتعود على ان نسمي الامور بأسمائها لا ان نحول الهزيمة إلى نكسة او إلى نصر وهمي.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً