المناطق الجبلية ليست أماكن مناسبة للمعاهد الدينية؛ هي حجرية بالطبيعة، فكيف إذا زادوا حجروها.
من يفكر بإنشاء مشاريع خدمية في المجتمعات المحلية، من المهم إلى أقصى حد ممكن أن يدرس جدوى المشروع المستقبلية، ومدى الاستفادة المتوقعة من إنشائه، وما موقف المستهدفين منه؟ فإذا وجد أي خلاف أو اختلاف بين المستهدفين من المشروع، فعليه أن يصرف النظر عن تنفيذه فورًا، أما الإصرار على تنفيذه رغم كل شيء، فهذا يعني أن النوايا ليست سليمة. ولا أعتقد أن الناس سوف يعارضون إنشاء مدرسة جديدة للتلاميذ في السعدي أو معهد لتعليم هندسة الطاقة البديلة أو معهد لتعليم فنون البناء والتعمير أو معهد لهندسة السدود الجبلية أو معهد لتعليم أصول التربية والتعليم في عصر التحول الرقمي أو مستوصف طبي أو سد لحفظ مياه الأمطار أو مركز لتعليم نساء الريف خياطة المعاوز أو معهد لتعليم الحرف اليدوية أو معهد لمحو الأمية التقنية... الخ، بدلًا من إشعال فتنة بين الناس بسبب معهد لتعليم الدين والتدين في مجتمع محلي مسلم ومحافظ على دينه الإسلام منذ بداية الإسلام ذاته قبل 1400م، ومن قبل أن تؤمن قريش ذاتها بالله سبحانه وتعالى ورسوله اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آله.
المعارف العلمية والتجارب العملية الناجحة هي التي يجب تعلمها وتعليمها واكتسابها، وليست العقائد والمعتقدات؛ الأولى تنمي الشخصيات، وتزودها الناشئة بالمعارف العقلانية المفيدة والخبرات الإنسانية السليمة التي تجعلها رشيدة وقادرة على التكيف والعيش في عصر الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، والثانية تعقّد الشخصيات وتنمطها تنميطًا دوجمائيًا مغلقًا بما يجعلها تتحول إلى قنابل ومتفجرات موقوتة حينما تبلغ مرحلة الصدمة الحضارية الناجمة من الانفصام الحاد بين الذات والواقع بين ما تعلمته وآمنت به وبين حقيقة الحياة اليومية المباشرة.
علموهم ما يفيدهم في حياتهم ومستقبلهم، ويفيد أهلهم ومجتمعاتهم، أما الدين والتدين فـ"ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء". ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: "فطرة الله التي فطر الناس عليها" (ينظر موقع إسلام ويب، جوجل).
الدين والتدين لا يحتاج تعليمًا منهجيًا، بل هو مهمة العائلة؛ مدرسة المشاعر الأولى، فهي فضلًا عن الفطرة الدينية المتوارثة كما جاء في الحديث النبوي الشريف أعلاه، فكذا يمكن للأبوين تعليم أولادهما الدين والتدين في بيوتهم عن طريق التقليد والمحاكاة. أما التعليم المنهجي الذي يحتاجه الناشئة في حياتهم الواقعية، فهو الذي يجب الاهتمام به والحرص عليه من الجميع (العائلة والمجتمع والدولة والعالم كله).
باختصار شديد: علموا الأطفال ما يفيدهم في دنياهم، أما الآخرة فالله سبحانه وتعالى أعلم بمصالح عباده ومستحقاتهم. الأطفال أمانة، ورعايتهم وتعليمهم وتربيتهم مسؤولية الكبار (أولياء أمورهم ومجتمعهم ودولتهم إن وجد طبعاً).
مستقبل الناس أمامهم لا خلفهم يا شباب. فهمتموني؟
ادعموا هذا المعهد المهني الصناعي في المفلحي لو عندكم تمويل كافٍ وتحبون عمل الخير الحقيقي.