أثرت الحرب سلبًا على ملكية وسائل الإعلام واستقلاليتها وتمويلها وحقوق الصحفيين في اليمن، وفقًا لتقرير حديث يرصد توجهات ملكية وسائل الإعلام وتمويلها في اليمن صادر عن مركز أبحاث الإعلام والصحافة (MJRC).
وبحسب التقرير، فقد تسببت الحرب في توقف 165 وسيلة إعلامية (من إجمالي 365 وسيلة إعلامية قبل الحرب). كما تم إنشاء 137 وسيلة إعلامية جديدة خلال فترة الحرب.
تسيطر أطراف النزاع على معظم وسائل الإعلام في اليمن. تحكم البلاد سلطات أمر الواقع متصارعة، أبرزها أنصار الله الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً.
يجري تمويل وسائل الإعلام التابعة لأنصار الله الحوثيين في الغالب من قبل إيران وحزب الله، في حين أن وسائل الإعلام الحكومية ممولة في معظم الحالات من المملكة العربية السعودية. وتحظى بعض وسائل إعلام الإصلاح بدعم مالي من قطر، في حين يتم تمويل وسائل الإعلام التابعة للمؤتمر الشعبي العام والمقاومة الوطنية والمجلس الانتقالي الجنوبي من قبل الإمارات.
بالإضافة إلى الفوضى من حيث معايير كتابة التقارير، هناك أيضًا أدلة تظهر أن العديد من الصحفيين يعملون بموجب عقود لا تأخذ بعين الاعتبار الخطر الذي ينطوي عليه العمل الصحفي أثناء الحرب الأهلية. حيث لا يحصل الصحفيون على أي نوع من التأمين أو بدل المخاطر ولا تأمينات، بل إن الصحفيين مجبرون على التقاط أي فرصة عمل يمكنهم الحصول عليها، لأن العثور على عمل يزداد صعوبة في ظل نظام لا يدعم حرية التعبير وحكم عسكري يهدف فقط إلى تعزيز أجندته الخاصة.
ويعد تقرير "تمويل الصحافة في اليمن" جزءًا من مصفوفة التأثير الإعلامي، وهو مشروع بحثي مقارن متعدد البلدان ينفذه مركز أبحاث الإعلام والصحافة مع منظمات شريكة منذ عام 2017.
يطغى الإعلام الحربي على المشهد الإعلامي اليمني ويتميز بدعاية أطراف الحرب المحلية والإقليمية، ويصعب الوصول إلى الحقائق والمعلومات وخاصة ما هو دقيق أو صحيح.
تعكس وسائل الإعلام حالة الصراع المستمر منذ ما يقرب من عقد من الزمن. كما تظهر الانقسامات السياسية الحادة والتشرذم داخليًا وإقليميًا؛ بالإضافة إلى الاستقطاب والتعبئة والتمويل السياسي المصاحب لها؛ وعلى الأخص من قبل القوى الإقليمية الخارجية الموجودة في الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر. وقد خصصت هذه الدول الأربع ميزانيات بمئات الآلاف من الدولارات لتمويل وسائل الإعلام اليمنية. وفي حين تلعب وسائل الإعلام دورًا في تعميق الصراع وتأجيج العنف السياسي والكراهية، إلا أنها في الوقت نفسه تمنح الجمهور اليمني الفرصة لتلقي سرديات ووجهات نظر مختلفة متعددة. يصبح من الصعب على أي من الأطراف السياسية احتكار المشهد الإعلامي بأكمله لصالحه.
وتابع التقرير أن وسائل الإعلام الرئيسية المؤثرة التي تستهدف الجمهور اليمني يديرها ويمتلكها كل من أنصار الله الحوثيين، والحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، وحزب الإصلاح، والمجلس الانتقالي الجنوبي، والمقاومة الوطنية، وحزب المؤتمر الشعبي العام. هذا بالإضافة لوسائل إعلام - لا سيما قنوات تلفزيونية - تتبع مباشرة دول المنطقة مثل: إيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، مثل العربية الحدث، وقناة العالم، والجزيرة، وسكاي نيوز عربية، وغيرها.
وأفاد التقرير أن الخطاب الإعلامي الحالي يعكس الاستقطاب بين أطراف النزاع، والتي يدعمها الممولون الداخليون والخارجيون. حيث تدعم كل من إيران والسعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر على المستوى الإقليمي هذا الاستقطاب الإعلامي. فقد قدمت إيران الأسلحة والتدريب والدعم العسكري والدبلوماسي لجماعة أنصار الله الحوثيين، وقادتهم للسيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد، فضلاً عن دعمها بتمويل وإدارة وسائلهم الإعلامية. من ناحية أخرى، قادت المملكة العربية السعودية والإمارات تحالفًا عسكريًا للحرب ضد الحوثيين، حيث تحالفوا مع عدد من الأطراف المحلية المعارضة للحوثيين، وقاموا بتمويلهم في إنشاء منصات إعلامية ووسائل إعلام وشركات إعلامية.
وأوضح التقرير أن أغلب وسائل الإعلام تتبع أطراف الصراع الداخلية والخارجية في اليمن. كما أن الحرب أعادت تشكيل المشهد الإعلامي في اليمن وفقًا لمصالح أطراف الصراع وغيرهم من أصحاب المصلحة المؤثرين. وساهمت السلطات السياسية المسيطرة والأطراف اللاعبة في اجتذاب وشراء العديد من وسائل الإعلام أو العاملين فيها وبالتالي تسخيرهم لصالح أجندتها الخاصة.
وقال التقرير إنه بالنظر إلى حقيقة أن معظم وسائل الإعلام مملوكة لكيانات سياسية، بما في ذلك أطراف النزاع، فإن وسائل الإعلام خاصة المطبوعة تقدم في الغالب تغطية غير مهنية تتماشى تماماً مع أجندة مموليها. وقد يصل ذلك إلى حد بث الدعاية والمعلومات المضللة وعدم الدقة التي ينشرها كل طرف من الأطراف. وقد تسبب ذلك بانعدام الثقة بين الجمهور ووسائل الإعلام.