"بعد أن تُنهي صلاتك، تعالي إلي"
حريق.. هكذا كانت تبدأ الصباحات.. هذه "تعالي إلي" سعفة محترقة، ربما ليس الجميع يعرفون صلاحيات السعفة المحترقة، ولا قدرتها على إحالة كومة حطب أو عظام إلى رماد.. لكن أمي تعرف بالتأكيد، فهي التي تخبز لنا الخبز، وحتى تُشعل كومة حطب كبيرة في دقيقة، فقط تدس فيها سعفة وتُشعل النار. تعرف.. أمي تعرف.. هي تقريبًا بروفيسورة في هذا الأمر.
إذن، أمي بروفيسورة في أمر ما، بينما أنا لا أستطيع حتى أن أستيقظ قبل الفجر لأصلي وأهرب إلى خزانة أو حمام حتى يناول أبي فطوره ويذهب إلى عمله! أبي يعمل حتى يطعمنا! ربما حقًا أنا السبب، لو أني أستيقظ للصلاة قبله لما وجد حجة مقنعة له يجرني بها إليه، بينما أمي بتصميم تخبز الخبز، تُشعل الحطب والسعف، وكأن حياتها كلها واقفة على ذلك الخبز الذي تخبزه.. أوليست كذلك! أم أنها تتخيل شيئًا آخر يحترق!
أسئلة وجودية
ربما ماما تحب لعبة العائلة السعيدة، أو ربما لا تحبني لأني مثلها سأصير امرأة.. ربما ماما لا تحب أن يكون في هذا العالم شيء اسمه امرأة لسبب يعلمه الله، أو أنها لا تعرف كيف تتصرف إن أحبتني.. أين نرحل.. "ذئب في المنزل ولا عشرة في الشارع أو حيث لا تعلم ولا تحب".
حين أذهب إلى أبي في كل صباح يوقظني فيه، أذهب لأن بر الوالدين واجب، هكذا نتعلم عادةً نحن الصغار، حين أذهب إلى أبي المقصلة بعجينتي الرطبة، وكفي الصغيرة التي سأقبضها بقوة لبعض الوقت، أضمها إلى حضني فترة ليست بالقليلة حتى يبدأ هو حربه.. يهاجمني بكلتا يداه، يؤلمني، يؤلم طفولتي، فينجح.. نعم ينجح في اقتناص كفي الصغيرة.. ليست إلا كفًا صغيرة، لكنه يريدها، يأخذها ويضعها على خرطوم رمادي يحرص أن أراه، كما يحرص على إبعادي فورًا حين تدخل ماما بالفطور له.. هو بابا.
لو أنني فقط أستيقظ، لطالما تساءلت كيف يجرؤ أحد على استخدام الله بتلك الطريقة القذرة، كيف يستخدم بابا حجة الصلاة لأجل اللاشيء المؤلم الذي يفعله.. هو لاشيء هكذا يقول بابا لماما.. لكنه مؤلم.. هذا ما أعرفه، لكنني أخشى أن تعاقبني ماما.
بابا يستخدم الله بطريقة قذرة.. الله جل وعلا الذي أعلم أنه موجود، لكني على ما يبدو لا أؤمن به بالطريقة الصحيحة.. لطالما قال إن المؤمنين مطمئنون.. لكني خائفة.. دائمًا خائفة!