الخطأ الفادح الذي تربت، ودرجت عليه معظم الأجيال الحالية، وماتزال آثاره فاعلة، هذا الخطأ يتمثل بما يرفعه الدجاجلة المتسلقون، لمواراة سوءاتهم، من لافتات وشعارات، كشعار "الوطنية" مدعّمًا بمقولة "حب الوطن من الإيمان"، رغم المكانة العالية والرمزية الفذة لمثل هذا الشعار الملهم. في الوقت الذي تتم الممارسة من قبل هؤلاء ضدًا على ذلك.
صدّقت واستسلمت الأجيال المتعاقبة لمخاتلة وتخدير مروجي مثل هذه الشعارات الجوفاء، ونشأت عليها وترعرعت، دون أن تعي مقاصد ما وراء الستار، مدى تطبيق المقولات، وتنفيذ المقتضيات، دون أن تختبر صحة محتوياتها، وترجمتها على أرض الواقع، ومن ثم دون وقفة تقييمية عند كل محطة صادمة، وما أكثرها، دون مراجعة لتفكيك حقيقة الشعار الزائف في ظل التصرفات المتناقضة، وفي ظل الأوضاع المعيشية المتدهورة.
صدمة بعد صدمة بعد صدمة، تكسرت رؤوس، تساقطت أسطح عالية، ولم تتساقط الأقنعة، انهارت صروح، صرح إثر آخر، ولم تسلم، حتى، صروح الأخلاق والقيم، والمعتقدات، ترجرجت الأرض، وكادت أن تهتز أركان السماء، وضاع، في الأثناء، وطن.
فُقدت الثقة، وغارت الدولة بأركانها السيادية، وها نحن مانزال نستجر،
نخيم، ونتحلق حول مجرد شعار أجوف، عنوانه المخاتل "الوطنية"، تم استهلاك مضامينه من لدن ذوات متمصلحة ومخاتلة.
كذبة كبرى، وخدعة وحيلة مراوغة.
شعار وحسب، أشبه ما يكون بمنديل، يتوسله القائمون على سدة السلطة الحاكمة والمتنفذون، لتجفيف إفرازات مخلفات قبح صنائعهم، وسيئات أفعالهم، وفسادهم المزكم للأنوف. ومن خلال هذا الشعار البراق يتم اسكات أي أصوات تعترض خطأ الممارسات.
ويظل الشيء المؤكد أن من تولى كبر إفراغ حقيقة هذا الشعار من محتواه، هم، أنفسهم، المتشدقون السارقون اللصوص، الانتهازيون، البياعون للأوطان، الناهبون للثروات، السادرون، اليوم، في الصالات، صالات المراقص، والفناق الفخيمة.
أولئك هم أدعياء الوطنية، المتعيشون على أنقاض وخرائب البلد.
السائحون "الوطنيون" المرفهون، المقيمون، جلهم، خارج الوطن.