نحن أمام سلطة تترك مسؤوليتها الواجبة وتضع القانون في الدرج، ثم تنبري لإصدار بيانات الشجب والتنديد وكأنه ليس لها علاقة بما يحدث، ولا ينبغي عليها القيام بواجبها في حماية أرواح الناس ومصالحهم.
أن التخلي عن المسؤولية والواجب الوطني والأخلاقي في هذه الحالة أمر مخيف جدا، يقود إلى حالة من التوحش في المجتمع، بطلها الرئيس هي السلطة الحاكمة أولاً، ثم من يريد أن يستثمر في الفوضى والخراب للإضرار بمصالح الناس والبلد.
لذلك نؤكد أن المعارضة الوطنية في أي بلد فيه أحزاب ومكونات ومجالس سياسية تحكم أمر مهم جدا، خصوصا عندما يتسم قادة هذه المكونات والأحزاب بالجهل والانتهازية والضعف والنزعة الاستبدادية والعصبية المقيتة، التي بدورها تقود في كثير من الأحوال إلى جعل السلطة مفسدة كبيرة، ومقصلة تجز رؤوس الخلق وأرواحهم بسبب وبدونه، فضلاً عن كونها تتحول إلى قاطرة كبيرة بدون فرامل تدهس الناس والوطن بدون رحمة ولا أدنى شعور بالمسؤولية، وتصادر الأحلام الجميلة لمستقبل الأجيال.
الحاكم المحترم يشجع وجود المعارضة الوطنية ووسائل الإعلام الحرة، لتقويم مسار الدولة والسلطة إذا زل أو اعوج أو فسد، فالحاكم والمسؤول هو أيضا بشر يخطئ ويصيب، وقد قال الخليفة العادل عمر بن الخطاب ذات يوم وهو على المنبر لأصحابه "إذا أخطأت قوموني بهذه" وكان يشير إلى العصا في يده. اليوم الحاكم أو القائد لا يريد أن يسمع النصح أو النقد، ولديه فريق من المطبلين جاهزين لتوجيه تهم الخيانة والسباب والشتم لمن ينتقد أو يعارض أو يرفض الواقع الفاسد المختل، وأحياناً يلجأون إلى القتل والتصفيات لإرهاب الناس، فصارت الأمور إلى فوضى وفساد وقتل واعتقالات خارج إطار القانون والعرف والأخلاق، لأن السلطة المنفلتة مفسدة كبرى، تجر على الجميع فيما بعد عظائم الأمور.
التصحيح مطلوب من دون مكابرة وغرور وتعالٍ لا داعي له البتة.