(كلما هبطت قيمة الإنسان، كلما سقطت هيبة المؤسسات العامة التي تخدمه وتحميه) ق.م.
ثمة علاقة بين الهيبة والكرامة، كرامة الوطن وكرامة المواطن وكرامة الشعب وكرامة الدولة وكرامة الإنسان بوصفه قيمة عليا تستحق التقدير والاحترام. فإذا كانت الكرامة هي أغلى ما يمتلكه الإنسان، فإن الهيبة هي الدرع الواقي للكرامة أشبه بستر الجلال الذي يستدعي الحفظ والصون باستمرار.
فحينما تسقط الهيبة تنكشف الكرامة وتصبح عرضة لكل صنوف الإهانة والظلم والاحتقار. فإذا سقطت هيبة المؤسسات العامة في المدينة ومنها (القضاء والعدل والنظام والقانون والأمن والأمان والعلم والتعليم والتربية والثقافة... إلخ) سقطت كرامة مواطنيها. كم يؤلمني أن أرى مدينتي الحبيبة عدن وهي تفقد هيبتها كل يوم أمام نظر وسمع القيادات الكثيرة التي أنشبت مخالبها في جسدها بلا رحمة.
لم أرَ أحداً من القيادات السياسية والتنفيذية التي تدعي سيطرتها على مقاليد الأمور في مدينة عدن يستميت من أجل استعادة هيبة المدينة وكرامة سكانها. كل شيء بات مشاعاً ومكشوفاً وبلا حسيب ولا رقيب. حياة الناس ودماؤهم وسمعة المؤسسات ورموزها والنظام والقانون بما في ذلك أهم رمز من رموز هيبة الدول والمدن القضاء والقضاة.
لا يجوز أبداً التشهير بالقضاة كما هو الحال هذه الأيام في عدن، كل من هب ودب في وسائل التواصل الاجتماعي يمكنه الكتابة والتشهير بأي قاضٍ أو قاضية في مجلس القضاء الأعلى بلا خوف ولا وازع ولا تردد، كما شاهدت وقرأت منشورات كثيرة تحكي عن إحدى قاضيات المدينة.
ما الذي يبقى إذا سقطت هيبة القضاء في قلوب وعيون الناس يا ساسة آخر زمن؟ وما الذي جعل الأمور تتردى إلى هذا الحضيض الذي لا حضيض بعده؟ لن ألوم الناس الذين يكتبون ويشتمون دون علمهم بماذا يعني التشهير بأهم مؤسساتهم العامة ورموزها (مؤسسة العدالة). ثمة عوامل وأسباب كثيرة أعرفها أودت إلى هذه النتيجة. ولكن ما يخيفني أن الذين يقبضون على مقاليد الأمور لا يدركون معنى سقوط هيبة مؤسسة العدالة والقضاء من عيون وقلوب المواطنين.
ختاماً، أقول: على سكان المدن أن يدافعوا ويحمو مؤسساتهم العامة كما يدافعوا ويحاربوا على أسوار مدنهم. وماذا ستكون المدينة بدون مؤسسات عامة تعمل بقوة النظام والقانون؟!