صنعاء 19C امطار خفيفة

في هذيان ما كان وما سيكون

تعددت الأهات والهم واحد، وتعددت تعابير السياسة ولعبة السياسيين على سكاكين اقتطاع النصيب، ويظل الجسد جسد الوطن.. المواطن ينزف، وتظل هذيانات من يحكم محلقة في سماوات نرجسية الوعود، ولا شيء يأتي، ويظل ذاك الذي ينزف جسمه دمًا ينتظر عودة جودو، لكن غيابه طال، بل لعله لن يأتي أبدًا.
 
أي هذيان هذا الذي أدخلونا فيه، وصنعوا لنا من قوالبهم فاكهة وأبًّا ليست مما يعرفه العقل الدؤوب بحثًا، لكنه نوع من فاكهة الهذيان موجودة وغير موجودة، وإن وجدت فهي مثل حكومتنا نادرة الظهور، وأسعارها تثمن بمكيال السياسة، وكل سوق له من يغدق ومن من يكيل.
 
دعونا نقترب أكثر لواقع عناوينه تقول لنا ما يلي من تفانين علم لاهوت الهذيان:
لدينا مطحنة بديمة قديمة قال عنها حكيم الزمان أستاذنا النعمان: ديمة وخلفنا بابها... ونظل نتلقى المزيد من جرعات الهذيان مع كل وافد جديد اسم لمسمى جديد إلى سوق السياسة الراكد البليد إلا في ما يخص التقاسم لهيئات النفوذ بين من تحفهم رياح الخماسين مرة أو رياح صرصر أن بلغ السيل بين الفرقاء ولتطح الريح... الرياح بمن تقع عليه لعنة المنجم، ليجد ذاته خارج الملعب يهذي، ويدرك بعد فوات الأوان أن الخروج من قفص الهذيان كان ثمنه إسهامًا له في ضياع وطن مواطن يضيع، وهنا دعونا نقل بعيدًا عن الهذيان:
كانت ولاتزال لنا أحلام مشروعة في ما يلي من مجالات يتعامى عنها من أدخلونا سيرك الهذيان الضياع...
التحرر والانعتاق من الخوف والعوز الاقتصادي والتحرر السياسي، ولا سبيل أمامنا إلا مغادرة السباحة في مياه الهذيان الضحلة والقاتلة.
 
لم نعد نرى حقًا خارطة للطريق لحل سياسي وطني يخرجنا من حالة الهذيان هذه.
لا أمل لنا للخروج من مستنقع التقاسم بين من استولدوا لنا دوامة الهذيان، وظلوا هم أباطرة من يدير مهرجانات الهذيان بأشكال عدة.
إبدال وإحلال...
 وعود ومفاجآت...
عود على بدء لسماع لحن جديد لعواد قديم...
لسيناريو عمدًا تخلتط بجوهره عناصر الهذيان
وعودًا... وعودًا... إبرازًا لوجوه تاهت ثم عادت بعد أن أدمنت لما صنعوه لنا دواء الهذيان.
والبلد في قمة الانحدار ينضح فقرًا ودماء وانقسامًا رأسيًا وأفقيًا مايزال من يغزل خيوط دانتيلا الهذيان يتحدث دونما حياء عن غد آتٍ جميل، إنه من يهذي إما مختفيًا داخل كهف عميق، وآخر يحلق بالطائرات مسافرًا عائدًا، ولا شيء على الأرض جديد.
 
معيشة تتدهور للحضيض.
آمن به لغط من النوع الغليظ.
تقاسم للجاه والثروة والسلطة بين اوليجاركية ضيقة بشكل مهين يضيع معه اسم الوطن، أما المواطن فهو كعادته يسبح في بحر الهذيان.
وحالتنا هكذا حالة تفاجئنا المزيد من حالات الهذيان، لا نرى معها حلًا ولا نرى جهدًا عبر كل المستويات الوطنية والإقليمية والدولية لإخراجنا من حالة الهذيان.
 
استبشرنا خيرًا بيقظة البنك المركزي الفحل، فإذا بنا نرى ريالنا المنازع المفجوع ينهار مهرولًا، وهبة تأتي من خارج قطاعات اقتصاد محارب مدمر.. طبعًا ذلك ليس حلًا، لكنه نوع من الهذيان.
واسبشرنا خيرًا بفتح الطرقات، ورصدنا على الأرض تحركات كل يشحذ سكاكينه كي يقتطع لحمًا من جسد الوطن، فتلك هي عاهة من أدخلونا منتجع الهذيان.
 
ما نكاد نجتاز عقبة ثرة التي منعوا إعادة فتحها، ولله الأمر من قبل ومن بعد... فتح الطرقات حق إنساني نبيل لتحركات وأمان المواطن، وليس منة من ممالك الجان. استكملوا فتح الطرقات وفق منظور وطني خارج ألاعيب هذيان كل طرف يغني على ليلاه.
 
كما قلت لكم ما رسم لنا سوى الدوران في حلبة الهذيان الخاوية من كل معنى إلا السقوط والضياع، وآخر ما تنامى إلينا من خبر غير سعيد، ودومًا كان التاريخ وقرآنه الكريم يقول... ويأتيك من سبأ جديد... لكن ما أتانا مؤخرًا ليس سعيدًا، ولم يكن إلا مزيدًا من التيه بوادي التوهان عن مجريات الأمور السائرة نحو منح امتياز لشركة من خارج الديار، وتحديدًا من دول الجوار، لمنحها امتيازًا، وما علينا إلا الصمت، وليكف ويرفع الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبات دوره في فحص موازنات الميناء المنوي إعادة بيعه أو تأجيره أو سم ما تشاء، هذا مرتكز من أهم مرتكزات البلد من عناوين القوى الناعمة لنا نملك كل الخيارات بشأن تطويره خارج الحسابات والمصالح الضيقة التي تخدم البعض، لكنها تصيب بمقتل المصلحة العليا للبلد وشعبه... المهم قد صدرت الإرادة السامية، وما علينا إلا البقاء حيث يشاؤون لنا بدوامة الهذيان، وتلك لعمري ثالثة الأثافي.
أختم بالقول: صعب على صاحب عقل لبيب القبول بالنفى والبقاء داخل دوامة الهذيان، استعادة مكانة ودور العقل والعقل الجمعي بداية الخروج من هذا النفق المظلم، فقد طال مداه.

تصنيفات

إقرأ أيضاً