وأتى دهر علينا وزمن كل شيء بات فيه محيرًا على رأي صاحبنا من السودان... والله ما فاهمين حاجة... اليوم مثل الأمس، والأمس مثل اليوم، وغدًا سيكون أسوأ سيأتي معبأً داخل قنينة زعيم يدعي الزعامة بتاتًا ليس يحكم هو مجرد صراف للأتباع للأزلام يصرف.. ونودع صاحب السودان.. تائه مثلنا يسأل، ونذهب نحن نبحر نسأل:
هل كان بيتهوفن عبقريًا أم كان حكيمًا، أم كان مجنونًا يعزف لحنًا أبديًا عند حارس الفلينة أبدًا ليس يفهم؟!
لحظات رحيله، نظر لمن حوله، قائلًا: الآن انتهت المهزلة.
ونحن بعده نسأل: هل انتهت المهزلة فعلًا برحيله...؟ كلا، بل تفاقمت.
تأملوا عالمنا، تأملوا ما يحيط بنا... أشياء خارج العقل خارج المنطق، كل شيء بلغة.
إعلام اليوم مفبرك. حياتنا الكئيبة التي تقتلنا كل يوم، تختال علينا عبر فلينة الزعيم، داخل قنينة رجل الأمن اللعين، يمدها بالزيت، ممول لئيم، ونحن علينا أن نسأل كل يوم... كل عام.. كل حول... كل دهر زعيمًا جديدًا، مرة يطل علينا من شرفة القصر، ومرة من دبابة القصف، ومرة من مؤتمر العرش، ومرة من احتفالات القضاء على مؤامرة ولي العهد، وأخيرًا من كذبة أبريل داخل قصر الرئاسة، صورته محفوظة داخل قنينة المكر! سألنا لماذا؟ ثم ماذا؟
وعلى أي شيء ظلت قنينته؟ لماذا غير معروفة الشكل والمحتوى؟
لماذا؟
ولماذا ظلت أصلًا محجوبة بمخازن العطار؟ ولم بها مسك وحرز؟ لم...؟
سألنا لماذا... قالوا اسألوا زعيمًا ما فاته من الأمر شيء، سألناه قال اسألوا عطاري المفضل معبأ سره في كأس خردل يدعي علمًا من علوم العصر، بل أكثر عقله طامة كبرى، حافته تحمي العرش المبجل داخل قنينة بها سحر مسخر، وبها زيت وخردل تقيها شرور إثم ومنكر... ما رأى الكون مثلها إلا بهندول حفيد مولانا المعظم. سألناه وما لزعيمنا لا يفكر يفهم أكثر؟ قالوا لماذا ترمون بالغيب.. زعيمنا يفهم ما ليس يفهم، زعيمنا قائد عظيم، طائر الرايخ إن رآه خر يسجد، عنده ألف عين ومخبر، بقدرة ساحر يغير بين عشية وضحاها من كان بالأمس طه حسين أو حتى عنترة وبعبقرية زعيمنا يبات شيبوبًا مجرد تمثال مصور، والزعيم يملك ما ليس شيبوب يملك، يصرف من حيث إبليس يعلم، مسكين من كان بالأمس مثل عنتر، وبعد الصرف من خزينة زعيم يعصر الفلينة في قوارير مسخرة، فتسيل أمامه أموالًا ذهبًا وأكثر.
سألناه على عجل ما سمعناه تحدث عن مفاهيمه لسعر العملة الموحد، سوق وطني عن مجالات طرق النقل والتنقل، وما يعتمل بواقعنا من أمور لها شأن وتأثير على حياة الناس، والزعيم بعد لم يقرر، لم يتحرك، أكيد قد الأمر برمته الفلينة فتحت يدها، مفاتيح السوق سعر الصرف وأكثر هو ذاك الآن اصمت.
حاشاك بعد اليوم تسأل عن مثل هكذا ترهات، هذه سياقات لها رب مقدر، وما بقنينة الزعيم غير فلينته ينساب مال تتحرك أجهزة تحتل مكان بيتهوفن وتودعه سجنًا مؤبدًا، وتطلق سراح كل من كانوا في سجون الأمس يكتبون تقريرًا أسود أبيض، مثلما يشتهي حارس القنينة في ديوان زعيمنا المبجل... هو زعيم قل أن يظهر مثله طالما داخل القينية من يصرف أكثر من يغدق من يمول إبدال ديوان المعري بتكية مخبر، لديه أدوات إبدال شيبوب بعنتر. حكمة الزعيم مستقاة من معجم الدهر، من منجم المال، يستطيع والممول يقدر تغيير ما لا يتغير، ولكن إن كان الأمر كذلك لمَ لم نرَ أثرًا لهذا الإعجاز في ما نعاني من مشاكل تطحن فينا... قالوا بصوت أجش لم يحن الوقت بعد، ماتزال الفلينة لدى الممول، حين تروى بماء الروح سترون على الأرض ما يرضي جل الخواطر. قلنا كيف؟ وكل حديث عن خارطة الطريق يتعثر يتعثر؟
سيظل زعيمنا المبجل يبذل جهودًا خارقة كل يوم، ويغير وجوهًا ترقص فرحًا، قد نالها من الزعيم رضا، وأتى بها تحرس القنينة، تحسب فوائد كل قواد بات أعجم...
فوائد كل قواد بات أطرش.
صوته داخل القنينة صوت معدل.
إن قالوا نعم وحيًا
قال كلا... هكذا
دوره كومبارس
دوره دور ذاك
الذي صيره التمويل ثلثًا معطلًا... أما أمور كبار بعالم السياسة المصالح مثل فتح الطرق المغلفة، تظل اختبارًا مولانا بها أعلم، لكن لا تسألوني أكثر! وقرارات البنك إنما هي استعادة لدور كثيرًا تأخر....
فلينة الزعيم تدرك حين تتحرك... تتحرك ضمن أهداف... هي تارة
إنجاز عظيم لصالح الناس وأكثر، والأعداء بمثابة عقاب
فأس مدمر
وتارة أخرى
ديناميت مفجر
شيطان... مخرب
ديناميت... معطل
ماتزال رحلتنا داخل قنينة الزعيم تمضي، رحلتنا طالت نعم، لكن لدى الزعيم حرز وبديوانية ضاربة ودع من النوع المؤهل ذات صلة قربى بمن صنعوا ويصونون الفلينة، يغذونها بما يتوجب من خط سيرك المعارك أين تبدأ ومتى تنتهي وما هي أولويات التحرك هنا أو هنا. فأمور وتعليمات تحرك الفلينة صعودًا هبوطًا، مراكز حركتها تأتي للزعيم، أي زعيم، من مراكز يتواصل معها كلما أمر التمويل قل تعثر أو تأخر، عدا ذلك فحركة الفلينة إن سألت الزعيم يرد عليك الله يعلم.
لذا، أيها المواطن الشقي، سيظل أمر وطنك بيد من يمولون بالمال بالزيت فلينة الزعيم المبجل. هكذا دواليك أمورنا الأهم أمور الوطن المفدى تدار وتتحرك.