صنعاء 19C امطار خفيفة

المحطة يا خبير

المحطة يا خبير

كنا على موعد مع الحياة، فكتب لنا الزمان ميلاد الوجود بأرض الوطن المصاب بدوار المحطات... كم ألفنا السفر الشاق رغم المتاعب والتعب حياتنا كلها تقنيات غامضة سياسة تقلبات أمزجة أمواج عالية تداول على قيادتها ربابنة من كل شكل ولون من كل حدب وصوب لهم وبهم كل المواصفات عدا أن يكونوا ربابنة تبحر بالوطن وركابه نحو محطات آمنة مستدامة.

دعوني أختزل الزمن وأطف بكم ومعكم بما تبقى من رمق لنا... تفاصيل آخر رحلاتنا التي غادرنا بها محطة الحلم... محطة الوطن... محطة الثورة وقاموسها... وطن حر وشعب سعيد... وطن توحد فثارت أمامه قيامة البحر وأخاديد الجبال الراسيات، وبرزت عادت تغلب تعاود امتشاق الحسام لتصفية حسابات تاريخ الثورة على اعتبار أنها مثلت خروجًا على موروث تليد... من تجاوزه تعرض للقصاص تعرضت محطته عاجلًا أم آجلًا للزوال... وهكذا دواليك أدخلونا محطات ما أنزل الله بها من شيطان.. المفارقة أن لدينا شعبًا مناضلًا أصيلًا صبورًا... يقبل التحديات يقدم التضحيات... يصنع المعجزات متى كان متن الطائرة... الباخرة الحافلة.. سائق ماهر سائس جدير... لم يأتِ فجأة من غياهب الزمن الراكد ليصبح على الركب والمركبة إمامًا... أميرًا... واليًا... قائدًا همامًا... هزلت ورب الكعبة... كم من محطات قطعناها بالدم بالدمع رويناها نحن كشعب ولم نجنِ سوى الحصرم!

كان يحدونا أمل قد قطعنا طريق الشك باليقين، كنا نؤمن حقًا بأنا قد قطعنا الشك باليقين، ولكن كما يبدو بسكين كان بها من الصدأ نوع ثقيل يبطل مفعولها أكيد.

كانت لنا محطات كثيرة أذكر للتاريخ كان اسم إحداها محطة عيشة بخور مكسر، كانت ذات مواعيد دقيقة، وتضمن بها الوصول إلى أي موقع تريد بأمان وثمن زهيد... دار الدهر دورته وقال الزمان وجهه مكان محطة عيشة أصبح محطة تموين السيارات بالوقود، والكارثة بدلوا اسمها من محطة 26 سبتمبر لمحطة خور مكسر... تلك مرجيحة الزمن أو كما نسميها درهانة زيطي ميطي... وفي نهاية المطاف وبعد عواصف ورعود وصلنا لمحطة عاصفة الحزم... وبها حلقنا بعيد الانطلاق من محطتنا... آملين الوصول إلى محطة الحلم المتابع لحلم طيره عنف الزمان وجهل من ساق القاطرة الطائرة السفينة من زمان!

ويا للهول... انتهى بنا المطاف... سريعًا تم إغلاق محطة عاصفة الحزم.. وبشرونا بغلام اسمه يحيى بعد التأكد أن اسمه المؤكد كان اسمًا على مسمى... محطة عاصفة الأمل!

طال بنا السفر ومحطتنا تطول دونما وصول لسدرة المنتهى، وفجأة ونحن على أهبة الاستعداد لجني ثمار السفر عبر مركبة عاصفة الأمل... إذ بالطائرة ترتطم وهي رابضة على الأرض، بجسم المشاورات الغريب، ليتم إنزال الحمولة، ويتم تبديل ربان السفينة/ الطائرة. بات حلم الوصول إلى محطتنا رهين المحبسين بطاقم جديد وربابنة كثر!

نادينا بأعلى الصوت: وما محطتنا القادمة؟ ومن ربابنتها؟

لا تجزعوا، قالوا لنا أنتم تحت أيادٍ أمينة تملك خارطة الطريق للوصول إلى محطتكم، محطة اليمن السعيد.

كعادتنا صدقنا، ما باليد حيلة، فالمسافات تباعدت والدماء سالت والنفوس تشاحنت والطرق أغلقت والرواتب توقفت وسعر الريال ينهار... ينهار يا ولدي، والبنك المركزي صار بنكين، وعلى ضفاف رحلة السفر التي طالت ولم نعد نعرف محطة يكون اليقين من أن انطلاقنا سيصل بنا لمحطة أمل جديد.. وإذ بنا نجد أنفسنا تهلل لأنا وصلنا لمحطة أمل جديد سموها محطة الهدنة بين همدان وذمار وعدن وأطراف ما تبقى من بلاد، لكن طائر اللقلاق أتانا من سبأ بخبر ليس بخبر يقين، ولكن بما يشبه حكايات شهرزاد... وحكايات فوازير رمضان... راحت لحالها الهدنة تندب حظها في محطة اليأس التي تلازم السيدات اللائي بلغن سن اليأس، ومن يومها لم يتخلق من الهدنة غير تداعيات من العيار الذي يحمل، ولكن لا يلد. تدرجنا من محطة السفر من سلطنة عمان وما تمخض عنها من تولد خارطة طريق قلنا يا رب السماوات عساها لا تكون مماثلة لعاصفة الحزم ولا عاصفة الأمل المفقود... وقد كان ما كان من رحلة المتاعب من محطة البتول بأرض غير زرع لمحطة العامل البروليتاري الكادح النجيب لمحطة الشيخ الغريب شيخ مشايخ من مجلس الشيوخ الأمريكي أتى يسوق ويدعم ويلعب شطرنج يقذف الملك في وجه الأمير يعلن كش ملك في محطة هنا تبدأ من طهران تمر عبر صنعاء يقدم الرشوة إعفاء لساكني صنعاء بقصر الإمام من تهمة الإرهاب.

ماذا أقول يا وطن وأنا منتظر للأسف بمحطة اليأس أين المخرج؟ قد بلغ السيل الزبى، وتعارك البنكان في محطة مهددة بالاشتعال، وشيخ شيوخ أمريكا ما يهمه إلا أن إسرائيل بريئة من دم ابن يعقوب، ولتذهب غزة وفلسطين واليمن وغيرها إلى الجحيم، المهم والأكثر أهمية أن تتوقف قذائف الأنصار من صنعاء ومن طهران تجاه بحر القلزم الأحمر، وبعدها يحلها الحلال، يقرر معها الشيخ الأمريكي وغيره من الأغيار وعبره قرارهم متى تفتح أبواب محطتنا للسفر ومتى نتوصل لعملة موحدة ومتى تنفذ خارطة الطريق حقًا لنبدأ رحلة الحياة من جديد بدءًا من فتح طريق الحزبين أن زارعي الألغام رفعها فكفى ما حصدوا بها من أرواح، متى نصل تلك المحطة..؟ سؤال ماتزال إجابته أضعف من الضعيف... والله المستعان على من أغلق المحطة واحتفظ لنفسه لزمرته بمفاتيح المحطة ومواردها، والسلام على من اتبع الهدى وألغى قرارات الحرب وعاد بالوطن واحة الأمان... الأمر ليس صعبًا لمن يملك الإرادة والقرار، ونسأل بأي محطة عالقون؟!

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً