عام الصمت!
مؤلم أن تحل ذكرى التصالح والتسامح وحراكنا بفضل من يدّعون القيادة يمارس الصمت إزاء تصرفات مشينة للسلطة وأجهزتها تجاه معارضيها كما حدث من تهجم على "باسندوة" واعتداء على "العتواني" واعتقال "محمد غالبـ"!
شفيع العبد
قديماً قالوا "الصمت حكمة"، وزادوا عليها "إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهبـ"، ونحن في الحراك السلمي الجنوبي صرنا اليوم بحاجة للحكمة التي افتقدناها خلال السنتين الأخيرتين تحديداً، وأصبحت سماؤنا مليئة بأشياء تلمع، لكن بالتأكيد ليس لها أدنى علاقة بالذهب!
قريباً تهل علينا ذكرى التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي، ومؤلم أن تأتي ونحن نفتقر إلى كثير من تلك القيم على الأقل في تعاملاتنا مع بعضنا البعض، تأتي الذكرى ونحن قد أفرغناها من مضامينها، واستبدلناها بثقافة هشة ترتكز على بيانات ركيكة وخطابات عقيمة في مواجهة أنفسنا، تنضح بلغة التخوين والتشكيك، وهو ما انعكس سلباً على فاعلية الحراك وفعالياته التي ابتعدت عن العاصمة "عدن" باتجاه قرى ووديان وشعاب، اتفقت كثيراً مع ما يصوره الحاكم بأن الحراك ليس له وجود إلا في مديريات محدودة، وما عناوين البيانات التي تتقاذف الحراك مؤخراً إلا دليل إدانة لأولئك النفر المهووسين ببريق الإعلام.
المرحلة حرجة، ووضع من يدّعون القيادة بائس مثير للشفقة، لأنهم عجزوا عن إيجاد حلول ناجحة، وبدائل ناجعة، ولم يعد لديهم شيء جديد يقدمونه فذهبوا لافتعال الأزمات في ما بينهم، لشعورهم بأن حجم القضية بات كبيراً جداً فوق طاقاتهم وقدراتهم وإمكاناتهم، وبدلاً من إتاحة الفرصة أمام الطاقات الشابة، والاهتداء بأصحاب الحكمة الحقيقية، تداعوا إلى ساحات وهمية لخوض غمار معارك دون كيشوتية!
سجون الحاكم تمتلئ بالمئات من المعتقلين من نشطاء الحراك وأنصاره، لم يسأل عنهم هؤلاء، بل إن أحد هؤلاء "القادة" قال بكل غرور وكبرياء وعظمة زائفة لناشط طالبه بضرورة الالتفات للمعتقلين: "أيش تريدنا نسكنهم في فنادق 5 نجوم!". ذات الحال ينطبق على أسر الشهداء والجرحى الذين وجدوا أنفسهم يفضلون الصمت إزاء هذه الحالة المتردية التي يعيشها الحراك!
مؤلم أيضاً أن تحل ذكرى التصالح والتسامح وحراكنا بفضل من يدّعون القيادة يمارس الصمت إزاء تصرفات مشينة للسلطة وأجهزتها تجاه معارضيها كما حدث من تهجم على "باسندوة" واعتداء على "العتواني" واعتقال "محمد غالبـ". إن قيمة "التضامن" المرتبطة بالتصالح والتسامح تحتم علينا إدانة هذه الأفعال والتضامن المطلق مع ضحاياها بصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع ما يحملونه من آراء وما يتبنونه من قضايا، مع التذكير هنا بأنهم من أكثر رموز المعارضة تضامناً مع حراكنا وما يتعرض له من تعسفات من قبل أجهزة السلطة المختلفة.
مصيبة أنهم لم يعودوا يعرفون المواضع التي يجب فيها الكلام والأخرى التي تتطلب الصمت، لذا فإنه من المناسب جداً لهم وللحراك السلمي الجنوبي أن يجعلوا من هذا العام عاماً للصمت، وإعادة ترتيب الحراك وفق دعائمه الأساسية التي انطلق بها، فليكفوا عن البيانات والتصريحات الإعلامية والتسابق نحو منصات الخطابة، ويجعلوا من العام الجديد فرصة لتقييم أنفسهم أولاً، ومن ثم تقييم السنوات التي خلت من عمر الحراك، أين أخفقنا وأين نجحنا وماذا يتطلب المستقبل!
عام الصمت!
2011-01-03