الأحزاب و«مسب» الوعود - محمد أنعم
بدأت طبول الوعود تُقرع، وصدور الطبالين تضرب.. وهات يا قبيلي والنعيم الذي ينتظرك بعد اكتوبر. شرعاً، عرفاً، لا يجوز الكذب أو مخادعة حتى أحقر الحيوانات.. وانتخاباً كل شيء جائز.
أتمنى أن تدرك الأحزاب في بلادنا أن الشارع يستنكر ويمقت المغالطات وقطع الوعود.. وعليها ان تتعامل مع الشعب وقضايا الوطن ومعضلات التنمية بمصداقية وواقعية وتطرح رؤيتها وبدائلها ببرامج واضحة لتكون هي القاعدة التي تؤهلها لنيل ثقة الناخب.
من الخطأ ان تعتقد الأحزاب ان قطع الوعود للشعب ضرورة، ولا تتنبه إلى قصة المثل الشعبي الذي يقول: «يا حماري لا تموت قد تلمت لك شعير»، وتدرك أبعاده، ومغزى رفض المواطن اليمني وعدم تقبله للوعود.. حتى وإن كان ذلك على الحمار.. فما بالكم عندما يدرك الناخب أو المواطن أنه هو المقصود بها.. خصوصاً تلك الوعود التي يعجز عن تحقيقها فانوس وجني علاء الدين أو عفاريت سليمان عليه السلام..
بإمكان الأحزاب ان تخوض الانتخابات دون ان تجرح مشاعر الناخب بوعود مستحيلة التحقق. ولتجرب ذلك مرة واحدة، وستدرك ان من اسباب فشلها لدى الناخبين هو «الزنط» و«الخرط» في الوعود الذي مارسته خلال اكثر من عملية انتخابية خاضتها في مراحل سابقة.
ومع بدء الدعاية الانتخابية أعتقد أن الحزب المتفنن والمتميز بقطع الوعود سيكون الفاشل في نتائج الصندوق الانتخابي، ولأن البرامج الانتخابية لم تنشر حتى الآن، عدا مشروع برنامج الأخ فيصل بن شملان المرشح الرئاسي لأحزاب المشترك والذي نجده مليئاً بالوعود لكل الفئات ولم يستثن حتى ما سماه بـ«المهمشين».. ووحدها المرأة هي التي أُخضعت لرؤية (الاصلاح). أما الوعود بالإصلاحات الدستورية والقانونية والاقتصادية فوحدها تحتاج إلى عشر سنوات؛ كما يتكلم عن إصلاحات اقتصادية أخرى، ومن جديد نعود لجرع على طريقة المشترك.. أما أطرف وعوده هو تزويد «المهمشين» أو ما نسميهم ب «الأخدام» بالكهرباء والماء.. فإذا كان الجماعة يعيشون في كهوف (جروف) الجبال أو متنقلين بخيامهم من مكان لآخر، لا ندري كيف سيحقق لهم ذلك..! لكن لا مانع ان يصرف لهم أيضاً عدادات.. أما وعده بزيادة مرتبات وبدلات الموظفين وايقاف الاصلاحات الاقتصادية، والقضاء على الجوع والفقر، وتخفيض الضرائب، وحل مشاكل المغتربين ومجانية التعليم والصحة و... و... الخ، فهي لا تختلف عن ايصال الكهرباء والماء إلى ضياح الجبال.
هذا عبور سريع على بعض وعود مرشح واحد.. ولكم ان تتصوروا الشعب كيف سيتقبلها، خصوصاً وانها لا تستفز اعصاب الشارع فحسب بل تجعله لا يغامر بمنح ثقته لمرشح يرى كل ما هو موجود في البلاد غير صالح و لا بد من استبداله او تغييره.
وهكذا نجد ان إطلاق الوعود بهذا الشكل المفرط يعد من الأخطاء الفادحة لانتكاسة مرشحي الاحزاب.
لا تستغربوا من كل هذا، بل قد لا نستبعد ان نسمع قريباً وعوداً تنقل اليمن إلى القارة الأوروبية، وأخرى تستورد أنهراً من عسل وتسير بين قرى اليمن.. وأمام مثل هذا الخرط يظل المرشح الصادق هو من يعد الشعب بأنه سيعمل على استقرار سعر الكدم ما استطاع.. فمرشح كهذا هو الذي يحترم..!
الأحزاب و«مسب» الوعود
2006-08-15