الإسلام دنيا ودين - محمد علي الربادي
- ماهي عليه مساجدنا والقائمون عليها المقارنة بين اهتمام ذوي الديانات والعقائد باماكن عباداتهم.
- أين أموال الأوقاف وحقوقه التي وضعت لصالح المجتمع؟ كيف اثرى كثيرون على حساب الاوقاف واستولوا على المساجد؟!
- البلدية قد باعت كل شيء، والأملاك لم يبق شيئاً.
- نريد أن ترتفع المآذن إلى جانب ارتفاع مداخن المصانع، فالإسلام دنيا ودين.
إن أيامنا كلها عطلة إلا القليل لدى القليل
- في كل اسبوع يوم عطلة وهذا اليوم هو يوم الجمعة، وفي هذ اليوم تقام صلاة الجمعة جماعة، وقبل الصلاة تكون الخطبة، وما جاء عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه وعن كبار الصحابة عن هذا اليوم وشعائره مدون في كتب المسلمين، وذلك رغم المستبدعات والتلفيقات التي ألحقها الجهلاء والمتزمتون والسياسيون ايضاً في هذه العبادة وغيرها من العبادات وفي المناسبات الدينية التي استغلت لمصالح الحكام وتجار الدين.
ولا ننسى أن العلماء المحققين قد ناضلوا وكافحوا وبرزوا في ميدان الجهاد دفاعاً عن الإسلام وجوهر رسالته، وتصدوا للمتعلمين لئلا يشوهوا الرسالة الإسلامية ويعيثوا بما فيها من قيم ومثل.. وإذا كانت المساجد هي اماكن العبادة فإنها كانت مركز اشعاع وهداية، كما كانت محل تقدير وتكريم، ولك اليوم أن تسأل عن مساجدنا التي تغص بمئات المصلين وهي على ماهي عليه من الإهمال (...).
وإذا قدر لك أيها القارئ وقد زرت بلداً آخر، فسترى اهتمام ذوي الديانات والعقائد الاخرى بأماكن عبادتهم، ولك ان تقارن. وقبل ذلك أحب أن اسأل وتسأل معي: أين اموال الأوقاف وحقوقه، وهذه احوال مساجدنا وأحوال القائمين بها، وأحوال العلماء والمتعلمين والذين اوقفت هذه الاموال لهم ولأجلهم ولصالح المجتمع الذي يعيشون فيه؟
وإذا كنا قد نلوم وزارة الأوقاف للجمود والركود وعدم دخول أي تحسين أو تطوير على وضعها الإداري والأخذ بالنظم الحديثة والتي عليها وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية في البلدان الأخرى فإننا نعلم بأن هناك من حاول ولا يزال يحاول التغيير من واقعها ولكنه يصطدم.
والجميع يعلم بأن أموال الأوقاف قد صارت نهباً لمن هب ودب، سواءً كانوا يعملون في الأوقاف وإداراتها في عموم الجمهورية أو كانوا من خارج الأوقاف وما أكثرهم وقد بسطوا أيديهم على أراضي الأوقاف وممتلكاتها، وهناك اشخاص كثيرون يتمتعون بسلطة في الاوقاف أو غير الأوقاف أو لهم مراكزهم ووجاهتهم قد أثروا على حساب الأوقاف ثراء فاحشاً، ومع هذا تراهم يبكون على الاسلام وينوحون ويولولون وكأن الشعب لا يفهم عنهم شيئاً، وهناك من يبكي على الاسلام وحالة المسلمين وقد بسط يده على مساحات واسعة من اراضي الاوقاف لهذا المسجد او ذاك فأخذ يبيعها ويؤجرها كملك من أملاكه الخاصة بعد أن عثر على وثائق إيقافها بطريقة أو بأخرى. وهناك من بسط يد على حق الوقف واستأجر ذلك قبل سنوات وبشىء بسيط جداً ومازال الحال كما هو عليه ولا يستطاع ضبطه بإعطاء الوقف حقوقه. وكم مثل هذه المهازل ومع ذلك فنحن نرتاد المساجد ونستكثر ماهي عليه، وهذا لا يعني عدم الإهمال وإذا كان هذا في المدن الرئيسة فكيف بالأرياف حيث تنتشر المساجد.
ملاحظة أخرى أن العمران يتسع والبلدية قد باعت كل شيء وكذلك مصلحة الأملاك أو مصلحة الشرح، وكذلك الأوقاف وكثيراً ما يكون المواطنون قطع شطرنج بين الجهات الثلاث، كل ذلك قد جرى ووقع دون تفكير أو تخطيط بما نحتاج إليه من مساحات للمساجد والمدارس والمعاهد والمستشفيات والمصانع والمؤسسات الحكومية، والميادين والملاعب والحدائق العامة... وهكذا الغباء أو المصالح الشخصية.
ومن المؤسف أن المصالح العامة لا يحسب لها أي حساب، أو قد يحسب لهاحساب بصورة محصورة في جانب واحد مثلاً فقد يكون التفكير في المساجد والمساجد وحدها، ولو مزدحمة وفي مكان واحد، ولايوجد تفكير في مدارس ومعاهد للتعليم المهني او التعليم العالي، أو المصانع. إننا نريد ان ترتفع المآذن إلى جانب ارتفاع المداخن، لنشغل الايدي العاطلة وتشبع الاسر والعائلات الجائعة نريد أن نقول للآخرين: إن الاسلام دنيا ودين، وإن أوقات الصلاة محددة معلومة، والوقت كله باستثناء القليل منه للعمل لميدان الحياة للبناء للاعمار وإذا كنت قد تحدثت عن يوم الجمعة فإن القرآن يقول: «يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع....الخ» في وقت محدد دعاهم ليسعوا إلى ذكر الله وهم غارقون في ميدان البيع والشراء والتجارة والأعمال، ثم لم يترك القرآن ذلك واكتفى بالدعوة إلى الصلاة وترك البيع بل عقب بقوله: «فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون»، ثم بين طبيعة البشر طبيعة الانسان «وإذا رأوا تجارة أو لهوا إنفضوا إليها وتركوك قائماً» فلم يصب القرآن عليهم الشتم والسب والقدح والتهديد والتهويل لأنهم تطلعوا للدينا، بل قال لرسوله: «قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين» إن الإسلام يخاطب العقل ويداعب العاطفة باسلوب مهذب يدفع بالإنسان إلى السمو ويحبب إليه مكارم الأخلاق.
هذا يوم الجمعة يوم العطلة وقد نسميه جوازا لأن ايامنا كلها عطلة والأعمال على الهامش باستثناء قليلين يكدحون ويعملون ويعيشون على عرق جبينهم وجهد عضلاتهم واذهانهم، وكم هناك من يعيشون على حساب الغير أو على الخرافات والشعوذة والدجل والخداع والتضليل.
فمتى سنهتم بأماكن العبادة؟ ومتى سنحرص على الأوقاف، ومتى سنعطي الاهتمام للعمل والإنتاج؟ ومتى سنكون صادقين مع الله ومع انفسنا؟ ومتى ستكون خطبة الجمعة صوتاً للدين وللدنيا، للعمل والانتاج، للحرية والكرامة، للعزة والسيادة، للحق والعدل؟
*هذه المقالة كتبها الفقيد/ محمد علي الربادي في العام92م ولم تنشر من قبل.
الإسلام دنيا ودين - محمد علي الربادي
2006-08-01