العري العربي - محمد الغباري
اسبوع سيكتمل على بداية المواجهة في جنوب لبنان بين مقاتلي حزب الله وجيش الدولة العبرية، سقط خلالها المئات من المدنيين اللبنانيين بين قتلى وجرحى ودمرت منشآت مدنية ومساكن. وبين هذا الركام وجثث الضحايا تعرت الأنظمة العربية بعد سنوات من عجزها عن كسب ود الكيان الذي ركعها وصادر حقوق وآدمية المواطن العربي.
فيما كانت صواريخ حزب الله كحركة مقاومة ثورية تطال عمق الكيان في تحول عجيب، كان هناك من ينقب بين جثث اطفال ونساء «مروحين» عن مبرر لخلاف مذهبي يتنصل بموجبه من مسؤوليته التاريخية والأخلاقية، وآخرون لم يستحوا من خلع ملابسهم على «ناصية» الشارع ليعلنوا إدانتهم للضحية لأنه تسبب في استفزاز ممتهني القتل.
النفاق الدولي الذي الفناه طوال خمسين عاماً وتحديداً من قبل الولايات المتحدة التي ترفع لواء الديمقراطية في العالم وتريد حشر سكانه للدفاع عن مشروع دولة دينية عنصرية. هذا الموقف الذي لا يقدم أي جديد قد امتد إلى البلدان الأوروبية التي تدافع وبإستماتة وفخر عن علمانية الدولة فيها وعن الحرية والحقوق المتساوية للبشرية ولهذا فإن هذه البلدان لا تخجل من الدفاع عن دولة تقوم على رؤية دينية وعلى أساس عرقي؛ ولهذا فقد بات على العالم أجمع أن يتنكر ويندد بإقدام حزب الله أو جماعة فلسطينية مقاومة على أسر جنديين اسرائيليين بينما أسر نواب في المجلس التشريعي الفلسطيني ووزراء في الحكومة، إلي جانب عشرة آلاف، بينهم اطفال ونساء، معتقلون منذ سنين! ألا يستحق عناء الاشارة إليه.
مطلوب من انظمة الحكم التي تقمع شعوبها ان تدين اطفال ونساء فلسطين ولبنان وان تتوازن في تصريحاتها حين تشاهد احدث الاسلحة الامريكية تدمر جسراً أو بناية او تقصف باصاً فر بداخله أبرياء في جنوب لبنان.
«العقلانيون» في المنطقة العربية معنيون بإدانة كل محاولة لرفض واقع الهزيمة، ولهم ايضاً ان يسخروا من معارضي الدعوة لإعطاء اسرائيل صفة الاستثناء في الكون، هم يعارضون قيام دولة دينية ويطالبون بالحرية والمساواة، لكنهم يستبسلون في الدفاع عن ديمقراطية الدولة العبرية التي تسجن اربعة ملايين عربي داخل قطاع غزة وتقتل المئات في لبنان، وفلسطين والتي ارتكبت مذبحة قانا ومجازر صبرا وشاتيلا..
كم هم رائعون اولئك المناهضون للعولمة ولسياسة الهيمنة التي تنتهجها الادارة الامريكية! وكم هو فخر واقع الانظمة والمنبطحون من النخب العربية!!
طوال خمسة عقود صادرت الانظمة العربية حقوق شعوبها في الحرية والديمقراطية واغتصبت السلطة تحت ستار القضية الفلسطينية. واليوم فإن هذه الانظمة تسعى لإقامة تحالف وثيق بين حكومة اليمين الديني في واشنطن وتل ابيب حتى تضمن الاستمرار وتجهض الحركة الديمقراطية الصاعدة.
لكن مصيبتنا لا تكمن في هؤلاء الحكام فقط، بل في أولئك المقاتلين بشراسة عن قيم الهزيمة والداعين للانبطاح اكثر والقائلين بأن قيم الانسانية والحرية لا تستقيم إلا بالتحلل من الانتماء العربي تحديداً.
malghobariMail
العري العربي
2006-07-19