ملف اغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي لم يغلق رغم مرور ثلاثين عاماً على الحادثة التي تعد أشهر حادثة اغتيال سياسي، لا بسبب المكانة التي احتلها الرجل لدى عامة الناس فقط ولكنها ايضاً مرتبطة بالدناءة التي ارتكبت بها الجريمة.. ارتبط الحمدي بالذاكرة الشعبية للناس بأنه صاحب مشروع تحديثي قائم على اعتبار أن القاعدة العريضة من الجمهور هي ما ينبغي الاهتمام بها والتعبير عن تطلعاتها على حساب القلة من مراكز القوى، القبلية تحديداً، إذ أن الحركة السياسية بمختلف مشاربها كانت، وما تزال، جزءاً من مشروع بناء الدولة المدنية الحديثة.
الإقرار بأن الحمدي لم يكسب الرهان وتم اغتياله على مائدة اللئام الذين انقضوا على السلطة من بعده واعادوا الاعتبار لنفوذ العائلات المشيخية، لا يلغي حقيقة أن الرجل كسب الناس وأنصفه الشعب والتاريخ، فبعد مرور ثلاثة عقود على حادثة الغدر وجد الحكم نفسه عاجزاً عن ارضاء النخبة المتنفذة كما فشل في كسب ثقة الناس وظهر ان كل ما راكمته الحركة السياسية بمشاربها المتعددة قد دمر في لحظة الانغماس بترتيب اوضاع ما بعد الان.. صحيح ان ملف اغتيال الرئيس لم يغلق من الناحية القانونية اذ أن اللجنة التي شكلت للتحقيق في القضية لم تقدم تقريرها، ولم تكشف اسماء المتورطين في العملية لكن الجميع يشيرون بأيدهم الى القتلة غير ان ما يهم في هذه القضية ليس الجانب الجنائي للجريمة بل في ابعادها السياسية والاجتماعية.
حين تغيب سيادة القانون تحضر في الذهن الشعبي تجربة الحمدي، وعندما يأتي الحديث عن المواطنة تحل التجربة كشاهد اثبات على شيوع قيم العدل والمساواة والانتصار للضعفاء.
ما زال ابناء ذمار يتذكرون باعتزاز الموقف النادر لقائد لواء العمالقة عبدالله الحمدي الذي ارغم احد النافذين على تسليم قاتل للاقتصاص منه، وإلاَّ كان هو البديل، يتذكر المواطنون في ريمة تلك الزيارة التاريخية لرجل استظل بشجرة واخذ يشرب حليب الغنم والمواطنون يلتفون من حوله يسأل عن احتياجاتهم وينتصر للضعفاء منهم.
الملف لن يغلق ما دام والحكم عاجزاً عن ارساء قواعد للعدالة وسيادة القانون، كما ان لعنة الغدر ستلاحق القتلة في كل وقت.. ستحاصرهم في كل خطوة من خطواتهم.
malghobariMail
الملف المفتوح
2007-10-08