قاعدة المسؤولية التضامنية أو الجماعية، هي الأرضية التي غدت البلاد في أمس الحاجة إلى تطبيقها، قد يظن البعض حينما تساق هذه القاعدة أنه يعنى بها النخب، والسياسية منها على الأخص، وكذلك البنى الفوقية في منظومة المسؤولية، وليس كما تفهمها هيئة الفضيلة المزعومة،والتي ترى أنها مسؤولة عن خصوصيات الناس،... غير أنني أذهب إلى معان أخرى للمسؤولية، تتقصد العقد الاجتماعي، وشؤون الضرورات الحقوقية المجتمعية التي توجب التكافل في تحمل مسؤولية تحقيقها من قبل كل المنضوين داخل هذا العقد، وتأتي على خلفية إرسائها كمبدأ وطني على الجميع اعتناقه والإجماع عليه، وأقصد بالجميع كل من يعيش على هذه الأرض بعيدا عن ترتيبه في سلم الامتيازات المعنوية والمادية كمواطن ينتمي إلى هذه الدولة، سوى تسنم هرم الدولة أو توسطه أو جاء في نهايته، وإذ يتفق أن الجميع يقعون داخل مدرجات الهرم إذ لامناص أن يتحمل الكل مسؤوليتهم عنه وفيه، وعليه فإن ما أبتغي الولوج لتوضيحه، أن المسؤولية التضامنية لا تمايزات فيها ولا ترسى على أساس تفاضلي، بل تكاملي، وتشبه السكن في مبنى ما، فإن الجميع مسؤولون عنه من الحارس إلى صاحب المبنى إلى السكان إلى الجهات الخدمية للدولة إلى آخره، حيث تتوزع وتختلف الادوار والأنصبة، غير أن الجميع يشملهم تدوير المسؤولية انطلاقا من تدوير الاحتياجات وصولا لتلبيتها.
وحينما يحضر سؤال المسؤولية وموجباتها فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا إدارتها وانسيابها من الأعلى إلى الأسفل، إنه الافتراض الذهبي الذي لا نفتأ نكرسه، في سياق تخليقنا للتمايزات والفوارق، وتكريسنا قراءة الواقع في مقابلاته: رأس وذيل، زعماء وتابعين، رؤساء ومرؤسين (مدعوسين) وهكذا متوالية استمرأنا التعايش معها ولا نحيد عن توليدها وتكرارها، غير آبهين للاختلالات التي تنتج عنها في المنظومة المجتمعية، وأخطرها يأتي في تخليقها مواطنين هزيلين متنصلين عن ومن مسؤولية المواطنة والتعايش وواجباتها وحقوقها، ومترتبات المسؤولية العامة التي تفضي بالضرورة إلى ارتفاع سقف الشعور الوطني. وأقصد بالمواطنين كل المؤطرين داخل هرم الانتماء إلى هذه الدولة كما أسلفت، بغض النظر عن مواقعهم فيه.. إذن ربما يكمن الحل في زحزحة المسلمات، التي جبلنا عليها. لم لا تدرب قاعدة الهرم، وهي تمثل ركيزته أيضا، أخذ المبادرة في إدارة المسؤولية من الأسفل إلى الأعلى، عملا بمقياس ارتفاع المنسوب ومعيار الانغمار الإيجابي، ومفاهيم الارتفاع، مما يؤدي ربما إلى انخفاض مظاهر التنصل والانفلات المنتهج والممنهج تجاه المسؤولية التضامنية... وحديثنا ممتد.
hudaalattasMail