5-04-2011 علي محسن حميد
حدث في 21-03-ما لم يكن في الحسبان. في ذلك اليوم عبر اللواء علي محسن صالح قائد الفرقة الأولى مدرع وقائد المنطقة الشمالية الغربية، عن تأييده لثورة الشباب وعزمه الدفاع عنهم .اللواء كان الساعد الأيمن للرئيس في مشواره الطويل في السلطة، وكان الرجل الثاني، وكان ينظر إليه كند للرئيس.وكما توجد للرئيس علاقات متشعبه بقوى سياسية ودينية وقبلية وعسكرية فكذلك الحال مع اللواء.ولكل منهما أوراق قوة كان يعتقد إلى ما قبل العمل الحثيث من أجل توريث السلطة وحكم الأسرة أنها مكملة لبعضها البعض وتضيف إلى قوة الآخر ولا تخصم منها. كانت طلبات علي محسن لفترة طويلة أوامر لاترد، وخلال عقود ثلاثة امتلك أراضي في عدة محافظات شمالية وجنوبية يقال إنها لاتقارن من حيث الكم والكيف . وفي عدن لعلي محسن شخص مقيم مهمته الوحيدة شراء أراض له. اللواء رجل خاض كل حروب الرئيس وخرج منها كلها بمغانم جمة.لذلك لم يكن أحد يتوقع هذا الانشقاق برغم خيبة أمل اللواء في الرئيس بسبب نيته توريث السلطة لابنه وهو الذي تعهد طبقا لما هو معروف هنا ونشر في مراجع علمية غربية أن يسلم السلطة للواء بعده ، أي عملية توريث لكن خارج العائلة .ولقد أبان ما نشره موقع ويكيليكس أن الرئيس مستعد أن يضحي بحياة اللواء في سبيل الخلاص من أي عائق في طريق التوريث لولده. كان الخبر كالصاعقة لدى معسكر آخر يقيم في ساحات التغيير يطلب بإصرار وعناد سقوط النظام برمته وبضمنه اللواء ونفوذه غير الدستوري، لذلك يلاحظ الزائر وجود صورته في ساحة التغيير مع صور من يراد التخلص غير المادي منهم كضمانة لقيام نظام جديد لاشائبة فيه.
البعض عبر عن ترحيبه بموقف اللواء، والبعض تشكك فيه واعتبره "ملعوبا" متفقا عليه، والبعض الثالث قال بصوت عال لقد هزمت الثورة الشبابية وإنه لن يستسلم ويرفع الراية البيضاء، وسينتظر حتى قيام ثورة أخرى بعد أن يرحل -جيل- اللواء إلى بارئه. وفورا رفعت بكثافة شعارات في ساحة التغيير تؤكد على مطلب مركزي لثورة الشباب وهو قيام دولة مدنية يختفي منها نفوذ العسكر وتسود فيها المواطنة المتساوية التي تضع الضابط والشيخ القبلي والشيخ الديني في مواقعهم الطبيعية بدون زيادة أو نقصان.
اللواء كان ذكيا ومدركا بالكامل أن الوقت هو وقت الشباب ومنهم بعض أولاده وأحفاده، لذلك سارع بالقول بأن ليس له طموح سياسي. ومع هذا لم يقتنع الشباب كلية، خاصة وأن البعض -منهم وبدوافع حزبية ضيقة- لم يخف فرحه بهذا التطور، الذي لاشك في منفعته التكتيكية، ولكن مع الالتزام التام والاحترام لما قاله الشيخ صادق الأحمر بأن لا أحد ينوي سرقة ثورة الشباب.
ردود فعل خارج ساحة التغيير:
كتب وزير تصريف أعمال في موقعه "والله لقد هزلت فكل عضو من أعضاء النظام قد أعلن انضمامه إلى ثورة الشباب . هؤلاء عليهم تسليم أنفسهم للثورة لمحاكمتهم بما عملوه أو سكتوا عنه من جرائم ضد الشعب، وعلى كل واحد منهم أن يتعهد ألا يتولى أي منصب في المستقبل". وبالنسبة لكثير من المواطنين فقد ربطوا هذا الموقف بعلاقة اللواء الوطيدة وتاريخه الحافل بانحيازه لتيار سياسي وديني معين، وقالوا بملأ الفم إذا كان البديل هو اللواء والزنداني، فعلي عبدالله صالح أهون. لذلك على اللواء ومن يحازبه ألا يعمل من قريب أو من بعيد على هدر ثورة الشباب، وأن يتعهد ألا يتولى منصبا في المستقبل لكي يطمئن الناس كل الناس في اليمن كلها بأن موقف اللواء مقدر ولكن عليه ألا يتوقع الثمن .
جمعة اللاتسامح :
لم تسم جمعة 25-03-بجمعة التسامح في البداية وقد سميت في ميدان التحرير بجمعة التصدي عندما كانت هناك نية لزحف جماهيري من ساحة التغيير إلى دار الرئاسة بعد صلاة الجمعة قبل التخلي عنه خشية أن يكون المراد بالتصدي الفتنة وإسالة دماء جديدة توفر ذريعة لعمل عسكري ضد ساحات التغيير في كثير من محافظات الجمهورية . التسمية كانت غير موفقة وتدل على إفلاس حقيقي لدى السلطة حتى في التسميات ، إلا إذا كان المقصود حقا بالتسامح هو مسامحة العسكريين والمدنيين والدبلوماسيين والمؤتمريين الذين انحازوا لثورة شباب التغيير بعد موقف اللواء علي محسن مباشرة.
كان يمكن أن تكون جمعة 25-03-جمعة الصفح والعفو لو اعترف الرئيس بمسؤوليته عن مجزرة 18 مارس، وأعلن بعد شكر الحاضرين على حضورهم غير المجاني الذين قبضوا مبالغ مادية سخية مقابل حشد زائف مدفوع الثمن، أنه سيتنحى خلال فترة قصيرة جدا جدا يتم التفاوض عليها، وأنه سيصدر قرارا عسكريا بإقالة أقاربه وعشيرته من الوحدات العسكرية والأمنية . لو تم ذلك لعرف الرئيس حقيقة مواقف هؤلاء الذين كانوا سيصفقون له بحرارة صادقة لأنهم ليسوا في حالة تضاد مع أهداف شباب ساحات التغيير ولأنهم مثلهم ضحايا سياسات النظام التي أفقرتهم واضطرتهم لمقايضة رخيصة لاتسمن النظام ولا تغنيه من جوع التأييد الشعبي الحقيقي.
بعض هؤلاء لايعون أنههم يقبضون مالا حراما من المال العام الذي يساء استخدامه في كل منعطف يمر بالوطن طوال 33 عاما. ولكن يقول المثل اليمني القرش يلعب بحمران العيون.
وبدون إعلان كهذا من يسامح من؟ الجمعة كانت حقا جمعة الرحيل .لأن ما تلاها من إرهاصات وتوقعات ومنها يما صرح به وزير ثم نفاه حول إعلان انتقال سلمي للسلطة يوم السبت 26 مارس، يبين أن مسألة استمرار السلطة كسلطة مسيطرة على كامل التراب الوطني وعلى رأسها العاصمة ومتماسكة وفاعلة وقادرة على الأداء أصبح محل شك كبير وتساؤل يثير القلق في الداخل وفي الخارج .
منذ 18 مارس، والسلطة تتخبط في اختراع تبريرات وتوضيحات لمذبحة 18 مارس فمن حديث لايصدق بأنها استهدفت إجهاض وساطة خليجية تقودها المملكة العربية السعودية لم يسمع بها أحد، إلى الإشارة بأصابع الاتهام إلى سكان الأحياء المجاورة، ثم وهذه هي ثالثة الأثافي القول في جمعة التسامح! في 25-03-بأن هناك قناصة حوثيين في ساحة التغيير، بمعنى أن هؤلاء هم قناصة 18-03-.
جمعة التسامح، فقدت معناها وتلوثت في لحظاتها الأولى عندما قامت مجموعة من البلاطجة بالذهاب إلى منزل اللواء عبدالملك السياني وزير الدفاع الأسبق، الذي يقع في ميدان السبعين ورجم سور البيت وبوابته بالحجاره وشتم صاحبه بأوصاف تحط من قدر قائليها والمحرضين لهم. وبهذا الفعل الصغير والحقير صدق ما قاله معلق يمني بأن السلطة عندما تعلن شيئا فهي تنوي عمل العكس. لقد كانت جمعة التسامح من حيث المبدأ جمعة هدر المال العام لأن ما أنفق على الحشود التي استاء لوصولها سكان صنعاء مهوله ويقدر بالمليارات وقد خرجت من البنك المركزي في أربع ناقلات (سكس) إلى دار الرئاسة. وبهذا الصدد فإن محافظ البنك المركزي سيكون مسؤولا مسؤولية مباشرة عن أي مبالغ خرجت من البنك بصورة غير قانونية وصرفت لغرض لايخدم المصلحة العامة ولم يوافق عليها مجلس الوزراء بما فيه وزير المالية. ويمكن أن يقاضى محافظ البنك المركزي مستقبلا على كل المبالغ التي أنفقت على تجمع ميدان التحرير وما سمي بالمؤتمر الوطني الأول وكل الإنفاقات لمجموعات قبلية خارج صنعاء وداخلها منذ الثاني من فبراير. محافظ البنك يجب أن يكون وفيا للقسم وأمينا على مصالح الشعب أو يستقيل إذا شعر بأنه غير قادر على تحمل الأمانة.
في مناسبات التسامح يعف اللسان عن نقد الخصم، ناهيكم عن شتمه واتهامه بالتآمر والانقلاب والطمع بالسلطة الخ وهو ما أفسد فعلا غرضها وهوى به إلى الحضيض. مشكلتنا ليست فقط سياسية وإنما ثقافية وقيمية، وكل زلزال له توابع.
يوما سعيدا والنصر قريب. 4689951
زلزال اللواء وجمعة اللاتسامح
2011-04-05