الحكومة الجديدة - محمد الغباري
مع الإقرار بأن اختيار الدكتور علي مجور لرئاسة الحكومة قد يكون أحد المؤشرات الجدية على إنجاز إصلاحات اقتصادية وإدارية، إلا أن المسألة برمتها لا ترتبط بشخوص الوزراء بقدر ما هي مرتبطة بالصلاحيات الممنوحة لهم وبالقدرة على محاسبتهم.
معرفتي بشخص رئيس الحكومة الجديد تجعلني على ثقة بقدرته على تحقيق انجازات في مكافحة الفساد، وتحسين مناخ الاستثمار، والمساعدة على بسط نفوذ هيبة الدولة، مع الإقرار بأن ما يتصل بالمستوى الذي قد تبلغه الإصلاحات مرتبط برئيس الدولة وهي كذلك في الجانب السياسي.
لست مع الفتور الذي قوبلت به التشكيلة الجديدة -لأن التغيير كان محدوداً- لأن في هذه التشكيلة كفاءات يجهلها الكثيرون؛ كونها شخصيات ظلت تعمل خلف الأضواء وبعيداً عن وسائل الإعلام كما هو الحال مع الدكتور محمد أبو بكر المفلحي، وزير الثقافة، والعميد عبدالقادر هلال، وزير الادارة المحلية، ونعمان الصهيبي، وزير المالية، وابراهيم حجري، وزير التعليم الفني.
هؤلاء كوادر مؤهلة و مجربة قدمت خلال سنوات من توليها مؤسسات تعليمية وإدارية نماذج غير معهودة من المسؤولية والالتزام والنزاهة والتواضع، وتجاوزت عقد النقص والنرجسية التي طبعت جملة من سلوكيات بعض الطاقم الوزاري السابق، الذين وصل بهم الأمر إلى إخراج المطبلين والمزمرين إلى الشوارع للمطالبة بعودتهم إلى المقاعد الوزارية.
إلى ما قبل ليلة الخميس الماضي كان الشارع العام مشغولاً بالمتطلعين لتقديم أنفسهم كمرشحين للوزارة الجديدة؛ إذ شكت رئاسة الجمهورية والوزراء من كثرة الفاكسات المرسلة، فإن أعداداً اخرى من الناس، بينهم شيوخ قبائل، لم يتركوا الفرصة لتمر دون تقديم مشورتهم بمن هو أصلح لدخول التشكيلة، كما ان جملة من الصحفيين أحرجتهم كثرة المطالبين بالكتابة عن شخوصهم أو إدراج أسمائهم ضمن التخمينات التي سبقت التشكيلة الحكومية الأخيرة.
وإذا كان نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الدكتور رشاد العليمي قد احتفظ بوقاره عندما لم يدخل في زفة الذين اجتهدوا في عرض أنفسهم استناداً إلى الثقة التي حظي بها من قبل مركز صناعة القرار، ومن شركاء اليمن في المجال الأمني، فإن رفض الدكتور سيف العسلي لحقيبة الصناعة كان ملح التشكيلة الحكومية بأكملها، لا لأنه تجرأ ورفض قراراً جمهورياً، ولكن لأنه «ربما» مثَّل حالة عربية نادرة برفض منصب وزاري يعرف الجميع ما هي المصالح التي ستجنى منه بعيداً عن الأهمية التي تحتلها هذه الوزارة أو تلك... على أن عودة وزارة المغتربين هي واحدة من السمات الجيدة لوزارة الدكتور مجور لأن غيابها في التشكيلة السابقة، نتيجة لخلاف شخصي، أفقد اكثر من مليون ونصف المليون مغترب حق الرعاية المحدودة اصلاً، وكاد يدمرها. ومن الإنصاف القول إن الطريقة التي بدأ بها د. صالح سميع، مهمته في وزارة المغتربين تدعوا للتفاؤل؛ ذلك أن الرجل أظهر إصراراً غير عادي على إعادة الروح لهذه الوزارة الهامة، وقد زاد على ذلك بأن قدم صورة مغايرة لمفهوم الإنتماء الحزبي القائم على الإقصاء والإبعاد.
مهمة إحياء وزارة شؤون المغتربين تتطلب في الأساس تفهم مراكز صنع القرار للدور الذي تؤديه، ومعنى أن تكون مسؤولاً عن حوالي مليوني مغترب، ولا تمتلك أية إمكانية للحركة, خاصة اذا علمت ان ميزانيتك لا تتجاوز ميزانية أصغر مكتب من مكاتب الوزارات الأخرى.
malghobariMail
الحكومة الجديدة
2007-04-12