مرت 86 يومًا منذ اعتقلت... ولدت طفلتنا الثانية بسلام وسميتها "تريم"، كما رغبت دائمًا. مرت 86 يومًا ولم أعد أتذكر تفاصيل أيامي كيف تمر بغيابك، فعقلي يساعدني كثيرًا على تجاوز ما أمر به...
دائمًا كنت تعرفني حساسة، أبكي كثيرًا لأي شيء يؤلمني. وتدرك تمامًا مدى ألم غيابك عني، فأنت كنت دائمًا أماني ومسكني، لكن ما لا تعلمه أنت أنني وسط كل هذا الألم، متماسكة وقوية كما رغبت دائمًا أن أكون... وأتخيل كم ستكون فخورًا بي عندما تعلم أنني أحاول بكل جهد أن أربي طفلتيك كما تمنيت دومًا، وأهتم بكل التفاصيل التي تهمك.
مرت 86 يومًا ولا نعرف شيئًا عنك، وأنت لا تعلم شيئًا عنا.
تركتني وأنا في شهور حملي الأخيرة، وها هي تريم تبلغ شهرين... ستتفاجأ كثيرًا أنها تشبهك. فلطالما أقنعتك أن جميع أطفالنا سيشبهونني أنا، وقد اقتنعت بهذا وأبديت سعادتك...
أتساءل طوال الوقت عما يمر في ذهنك في كل اللحظات، وكيف سيكون مقدار اشتياقك لأريان، فهي توأم روحك وقطعة من قلبك. وأتساءل كيف بإمكانك التحمل، ولكني أخفف عن نفسي بتذكر كم أنت شخص قادر على التأقلم بكل الظروف، فقد عهدتك دومًا مبتسمًا صامتًا لأي ظرف مررنا به سابقًا، وكنت دائمًا أتعجب من مقدرتك على التكيف..
أتعلم؟ لقد أزهرت نبتة البروكلي التي لطالما انتظرتها، فأنا وأخيرًا أصبحت أعتني بمزروعاتك لكيلا تذبل، وأتخيل ملامح وجهك عندما تراها، وأشعر بالسعادة وأرجوك ألا تحزن أنني أهملت مكان الجلوس بحديقة المنزل، فأنا حقًا لا أستطيع حتى رؤية تلك الزاوية التي كانت تستهويك، فوجودي فيها يشعرني بحزن شديد...
مرت 17 عامًا منذ ارتبطنا، ودائمًا أنت خير الزوج والصديق والابن والأخ والأب، تأسرني دائمًا أخلاقك العالية، وسخاؤك المستمر، واهتمامك بكل من حولك، واحترامك للجميع. تواضعك غير المسبوق، وطموحك المستمر، وحكمتك التي حقًا لم أرَ مثلها.
استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه.
*الرسالة نقلاً عن صفحتها في الفيسبوك
------------------------
* فراس عبدالكريم السياغي تم اعتقاله في يونيو الماضي. وهو احد العاملين في مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان.